بحث متقدم
الزيارة
8409
محدثة عن: 2011/07/30
خلاصة السؤال
یوجد حدیث عن الإمام علی‌(ع) فی کتاب أنوار المشعشعین یتعلّق بمسجد جمکران و جبل الخضر، هل هذه الروایة صحیحة و یمکن الاعتماد علیها و هل تعتبر من معاجز الإمام علی(ع)؟
السؤال
رأیت حدیثاً فی عدّة مواقع مرویّاً فی کتاب «أنوار المشعشعین» کما یلی، و قد رغبت کثیراً فی معرفة کل الحدیث من أولة الی آخره مع عدم إمکانی علی الحصول علی هذا الکتاب، أرجوا أن تضعوا تحت اختیاری الأصل الکامل للحدیث. الحدیث عن أمیر المؤمنین (ع) أشیر الی بعض المقاطع التی وردت فیه وهی کالآتی:
فی کتاب خلاصة البلدان نقلاً عن کتاب مونس الحزین –الذی هو من مؤلّفات الشیخ الصدوق- بسند صحیح و معتبر عن أمیر المؤمنین (ع) فی روایة یخاطب بها حذیفة: یا ابن الیمانی! فی أول الظهور، یخرج قائم آل محمد (ع) من مدینة یُقال لها قم، یدعوا الناس الی الحق، یجتمع علیه اناس من الشرق و الغرب، یعود الإسلام جدیداً، یا ابن الیمانی! هذه الأرض مقدسة و مطهّرة من الخبائث و اللوث، عمارتها سبع فرسخ فی ثمان فراسخ، ینصب رایته علی هذا الجبل الأبیض (بعض الناس یرون أن جبل الخضر فی قم هو مصداق للجبل الأبیض) قرب قریة قدیمة، من جانب المسجد، و قصر قدیم (الذی هو قصر المجوس)، و یطلق علیه جمکران، یخرج من تحت احدی منارتی المسجد، من حیث کان بیت النار ....
یمکن الاستفادة من هذا الحدیث انه کما أن مسجد السهلة فی زمن الظهور سیکون مقرّاً للإمام الحجة –عج- کذلک مسجد جمکران سیکون له مکانة خاصةفی زمن الظهور و یکون مقرّاً للإمام الحجة –عج-. المرحوم الکاتوزیان، تناول شرح و تفسیر الحدیث بعد نقله للنص الکامل له، أما ما یخص الجبل الأبیض و قصر المجوس و بعض التعابیر الاخری التی جاءت فی الحدیث، فقد فصل فیها و نحن لم نوردها للاختصار.
والجدیر بالذکر أن أحادیث الملاحم لا تحتاج الی مزید من التحقیق فی السند و ذلک لأنه لا یستطیع أحد أن یذکر اموراً قبل تحقّقها بمئات السنین ألا إذا کان عنده ارتباط بالوحی. أمیر المؤمنین علی (ع) عندما حدّث حذیفة الیمانی عن مسجد جمکران لم یکن أحد فی العراق أو الحجاز یعرف إسم قم إلّا القلیل لذلک نجد فی الروایات عندما یأتی الکلام عن قم یعبَّر عنها بقرب الری حتی یمکن بهذه الطریقة توضیح موقع قم الجغرافی لأصحاب الأئمة(ع). من هنا ألا نحتمل وجود أحد من أهل الحجاز قد سمع بإسم جمکران علی أنها قریة من قری قم. مع الشکر الجزیل؟.
الجواب الإجمالي

نحن لا ننکر وجود مثل هذه الروایات بشکل قطعی، لکن هذه الروایة لا یُمکن الحصول علیها الّا فی کتب ابتعد تألیفها زمنیّاً عن زمان حیاة أمیر المؤمنین(ع) بألف سنة تقریباً. فکتاب «أنوار المشعشعین» و هو من الکتب المتأخّرة، ینقل هذه الروایة و ینسبها الی کتاب «مونس الحزین» للشیخ الصدوق من دون أن یبیّن لها سنداً دقیقاً، بالاضافة الی هذا الکتاب المذکور لیس فی متناول أیدینا الآن، و نحن بناءً علی عدة أدلة نشک جداً فی أصل نسبته للشیخ الصدوق. لذا و طبقاً لاصول علم الحدیث لا یمکن لهذا الحدیث أن یکون مصدراً لصدور حکم فقهی أو تاریخی أو عقائدی.

الجواب التفصيلي

سند الروایة التی أشرت الیها فی السؤال موجود علی الترتیب فی کتب «أنوار المشعشعین و خلاصة البلدان و مونس الحزین»، لذا نحتاج لمعرفة الروایة الی التحلیل المختصر لکل کتاب منها ثم نصل الی النتیجة المطلوبة:

1- کتاب « أنوار المشعشعین فی بیان شرافة قم و القمیین» و هو کتاب من ثلاث أجزاء باللغة الفارسیة و یتحدّث عن تاریخ قم، إضافة الی شرح حیاة أبناء الائمة المدفونین فیها و کذلک شرح حیاة الرواة القمیین. و تألیف الکتاب منذ مئة سنة و قد طُبع و نُشر ول مرة فی إیران منذ وقت تألیفه.

2- کتاب «خلاصة البلدان»: و قد أُلّفَ منذ 300 سنة و أیضاً محور مواضیعه تدور عن قم، و یعتبر من أهم المصادر للکتاب السابق.

3- کتاب «مونس الحزین»: فالروایة الموجودة فی السؤال قد نُسبت للشیخ الصدوق و الذی هو –حسب الظاهر- نفس ابی جعفر محمد بن علی بن بابویه و تاریخ وفاته قبل ألف سنة تقریباً، حیث یُقال بأنه ذکر هذه الروایة فی کتاب بإسم «مؤنس الحزین». أما ما تجب معرفته هو أن علماء الشیعة أمثال النجاشی و الشیخ الطوسی، فهم و إن ذکروا الشیخ الصدوق و ذکروا تألیفاته، لکن لم یتحدّثوا شیئاً عن تألیفه لکتاب بإسم «مؤنس الحزین». و کذلک العلماء‌ الکبار الذین جاءوا بعدهم أمثال ابن شهر آشوب و ابن طاووس أیضاً لم یذکروا شیئاً عن هذا الکتاب المنسوب للشیخ الصدوق، نعم، توجد فی مناقب ابن شهر آشوب روایة ینقلها عن «مونس الحزین» لکنه یذکر أن هذا الکتاب بقلم «محمد فتال النیشابوری» لا الشیخ الصدوق.

المسألة الاخری هی، مع غض النظر عن أن مؤلّف هذا الکتاب من هو، یجب القول بأنه لا توجد أی نسخة من هذا الکتاب بید المحقّقین حتی یُمکنهم الحکم علی سند و مدلول الروایة المذکورة.

بعد کل ما بیّناه لابد من الالتفات الی المقدّمات الآتیة:

1- هذه الروایة الآن یُمکن الحصول علیها فی کتاب أنوار المشعشعین و صاحبه من مؤلّفی القرون الأخیرة، و الروایات الموجودة فیه لوحدها لیس لها قیمة سندیة یعتمد علیها (لا أنها قطعاً خلاف الواقع).

2- هذه الروایة لم یشر إلیها فی أی مصدر آخر، حتی المصادر الکبیرة الموسعة مثل «بحارالانوار» المتکفّل بجمع کل الأحادیث.

3- نسبة کتاب «مونس الحزین» للشیخ الصدوق یبعث علی الشک و التردید بشدة.

4- علی فرض صحة هذه النسبة، فإن بین کتاب «خلاصة البلدان» الذی هو المصدر الذی یعتمد علیه «أنوار المشعشعین» و بین «مؤنس الحزین» الذی یدُّعی وجود الروایة فیه، یوجد حوالی 700 سنة فاصلة زمانیة، بالإضافة الی أن السلسلة السندیة من صاحب هذا الکتاب الی الشیخ الصدوق لیس فی متناول الأیدی، هذا بناء على عدم التسلیم بکون الکتاب للشیخ الصدوق ولو کان الکتاب معروف النسبة للشیخ الصدوق کسائر کتبه أو ثبتت نسبته الیه فلا یرد هذا الاشکال حینئذ.

5- بناءً علی ما جاء فی السؤال، یدعی فی الکتب المتأخّرة أن سند الحدیث صحیح، مع عدم وجود أی سند حتی یُمکن الحکم بالصحة أو السقم.

6- لو وُجدت روایة فی الکتب المعتبرة أمثال الکتب الأربعة التی یعتبر زمان تألیفها قریبا جداً من زمن المعصوم (ع) و لم یکن لهذه الروایة سند، لا یعتمد علیها علماء الدین الّا إذا کانت مؤیّدة بامور اخری. و لا یُمکنهم أن یصدروا حکماً قطعیّاً بشأنها، فضلاً عن الروایة التی لم توجد إلّا فی کتاب الف بعد ألف سنة من غیاب المعصوم (ع)، و لم تسند الی أی مصدر یُمکن الاعتماد علیه.

بناءً علی ما ذکرناه یمکن الخروج بالنتیجة التالیة وهی عدم إمکان الاعتماد علی أمثال هذه الروایات –طبقاً لمبانی علم الحدیث- لإثبات موضوع تاریخی أو فقهی أو کلامی أو .... و أنت لا یُمکنک أن تجد أی نظریة و فی أی کتاب استدلالی معتبر تمّت علی أساس روایة من هذا القبیل. لکن مع ذلک لا یُمکن القطع بانکار هذه الروایة، لذلک نری من الضروری التذکیر بعدة امور و هی:

1- أن النص العربی لهذا الحدیث لیس بمتناول أیدینا.

2- لا یُمکن أن نعتبر هذا الحدیث علی أنه من معاجز أمیر المؤمنین(ع)، الّا إذا استطعنا أن نثبت وجوده فی الکتب القدیمة غیر المتأخرّة و الّا فلا.

3- هذه الروایات حتی و إن لم یُمکن الاستفادة منها کدلیل، لکن یمکن أن تکون مؤیّدة. وفّقکم الله و أیّدکم.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...