بحث متقدم
الزيارة
7283
محدثة عن: 2011/09/13
خلاصة السؤال
ما هی طریقة تعلّق الروح بالجنین؟ و کیف ینمو الجنین و یکبر قبل حلول الروح فیه؟
السؤال
ما هی الروح؟ و کیف ینفخ الله من روحه فی الجنین أثناء حمل الأم بعد إکمال الشهر الرابع؟ و هل لا توجد روح الله فیه قبل تمام الشهر الرابع مع أن کل خلایا الجنین فی حال النمو حاله حال کل موجود ذی شعورٍ؟
الجواب الإجمالي

الروح موجود مجرد و غیر مادی تلحق بالجنین فی سیره التکاملی أو تحدث منه ثم تطوی مراحل تکاملها. و الروح هی مخلوق من قبل الله کبدن الإنسان و لبیان شرف و عظمة الروح الإنسانیة عبّر الله عنها بقوله "و نفختُ فیه مِن روُحی" حیث جعلها فی مرتبة روحه فأضافها له سبحانه و تعالی تشریفاً لها کأضافة الکعبة و نسبتها له عندما یقول "بیتی".

ثم ان عدم وجود الروح الإنسانیة لا یتنافی مع کون الجنین حیّاً و له حیاة قبل حلول الروح فیه، و ذلک لأن الإنسان له ثلاث مراتب من النفس، و هی النفس النباتیة و الحیوانیة و الإنسانیة. النفس النباتیة هی أسفل مراتب النفس الإنسانیة، و هی التی تتغذی و تکبر بدون وجود أی حس و إدراک و حرکة إرادیة، مثل الزرع و النبات یکبر و ینمو بدون الاحساس و الادراک و الحرکة الارادیة، و وجود هذه النفس النباتیة فی الجنین قبل حلول الروح فیه دلیل علی نموه و وجود الحیاة فیه.

الجواب التفصيلي

لا یوجد أی شک بأن الروح جوهر غیر مادی (مجرد).

یقول الشهید المطهری فی تفسیره للآیة المبارکة "وَ یَسْلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبى‏" [1] : "لأن الروح أمر بسیط و لا یتجزء و لا یُمکن أن نعرفها بالجنس و الفصل و لعل هذا التعریف "من أمر ربی" تعریف بالفاعل، أما أمر الله ما هو؟ فقد اشارت له الآیات الاخری، مثل الآیة المبارکة "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیْا أَن یَقُولَ لَهُ کُن فَیَکُون‏" [2] فالأمر الإلهی فعل متصف بالذات الإلهیة و لأن الذات الإلهیة غیر مادیة و مجرده عن الزمان و المکان و لأن الروح أمر الله إذا هی موجود غیر مادی.

لکن هذه الروح عندما تلحق بالبدن یُعبّر عنها بالنفس، و فی الواقع أن النفس هی حالة حلول الروح بالبدن و تعلّقها به. طبعاً هناک اختلاف فی تعلّق هذه الروح بالبدن نشیر إلیه باختصار.

فقد ذهب بعض المحقّقین الی القول بأن الروح الإنسانیة مجرده من بدایة الخلقة و الی الأبد، و تلحق بالبدن و تحل فیه عندما یستعد البدن لذلک. و هذه هی النظریة المشهورة بنظریة روحانیة الحدوث و البقاء إذ النفس تکون مجردة و روحانیة فی مرحلة الحدوث و الایجاد و کذلک فی مرحلة البقاء.

و فی مقابل هذه النظریة، نظریة الفیلسوف الکبیر ملا صدرا القائل بأن الروح منذ البدایة موجود جسمانی و تتکامل بالتدریج لتصبح مجردة و هذه النظریة هی النظریة المعبر عنها بکون الروح جسمانیة الحدوث و روحانیة البقاء، فالروح ف ی وجودها مادیة تتکامل بتکامل الجسم و لکنها فی بقائها لا تتبع الجسم و تبقی بعد فناء الجسم فهی روحانیة البقاء. [3]

أما فی جواب الشق الثانی من السؤال فیجب القول بانه لا منافاة بین وجود الشعور و الاحساس للجنین و بین عدم حلول الروح فیه.

ولقد عالج الفلاسفة ه ذه الاشکالیة من خلال تقسیم النفس الی ثلاثة أنواع، النفس النباتیة و النفس الحیوانیة و النفس الإنسانیة، و البشر عندهم هذه الأنفس الثلاث، أما الحیوان فله نوعان منها و النباتات فلا یتوفر الا على النوع الأول منها فقط، و کل نفس لها قواها الخاصة بها التی توجب وجود افعال خاصة. فالنفس النباتیة هی التی تحتاج الی الغذاء و تنمو و النفس الحیوانیة فلها بالاضافة ما للنفس النباتیة من تغذیة و رشد فلها الاحساس و التحرّک الارادی، و النفس الإنسانیة أیضاً تتغذی دائماً و تنمو و تتحرّک بالارادة و لها الإحساس و الادراک، و کل موجود له أحد هذه الأنفس یحسب موجوداً حیاً و لو کان متوفراً علی النفس النباتیة فقط.

إذن الحیاة معنی أعم من امتلاک النفس النباتیة، و یُمکن أن تکون الحیاة موجوده من غیر وجود النفس الإنسانیة بل و حتی الحیوانیة. مثل الجنین قبل حلول الروح فیه، و ذلک لأن خلایا بدنه حیّة بوجود النفس النباتیة مع عدم وجود النفس الإنسانیة لأنه یحتاج الی التغذیة و ینمو کباقی الأنفس النباتیة فیتغذی عن طریق الشعیرات الدمویة و تنمو خلایاه الجسمیة. و هذه الخلایا الحیة تنمو قلیلاً قلیلاً و بحرکتها تصل قابلیتها الی الفعلیة حتی یکون جنیناً متکاملاً و هذا الجنین علی حد قول ملا صدرا [4] نبات بالفعل تظهر عنده قابلیة أن یکون نفساً حیوانیة، ثم أن هذه النفس الحیوانیة تتحوّل قابلیتها التی هی الاحساس و التحرّک بالارادة قلیلاً قلیلاً الی الفعلیة و تظهر عنده قابلیة التحول الی الإنسان، و إذا استطاع أن یحوّل کل القابلیات الإنسانیة الی الفعلیة (جسماً و روحاً) سیتحوّل الی الإنسان الأفضل و الأکمل.

لمزید من الاطلاع عن حقیقة الروح راجعوا المواضیع التالیة:

الأرواح الأربعة فی الإنسانیة، السؤال رقم 4153 (الموقع: 4601).

الروح فی القرآن، السؤال رقم 9944 (الموقع: 9916).



[1]    الاسراء، 85.

[2]    یس، 82.

[3]    لمزید من الاطلاع،انظر: ترخان، قاسم، شخصیة و ثورة الإمام الحسین (ع)، ص25-48، نشر چلچراغ، قم، 1388 هـ.ش.

[4]     الأسفار، ج8، ص136.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...