بحث متقدم
الزيارة
6833
محدثة عن: 2009/01/28
خلاصة السؤال
ما هو سرّ طول عمر و غیبة بعض الأنبیاء، مثل الخضر و الیاس و عیسی (ع)؟
السؤال
لماذا أبقی الله حضرة الخضر و الیاس و عیسی (ع) أحیاء من بین جمیع الأنبیاء، و لماذا هم مختفون و مستورون عن الانظار؟
الجواب الإجمالي

ان طول العمر و الحیاة الخالدة لبعض الأنبیاء مثل حضرة الخضر (ع) و الیاس (ع) و عیسی (ع) أمر خارق للعادة و هو من المعجزات الالهیة التی تمت بقدرة الله اللامتناهیة. و اذا لم یکن هنا الأمر حاصلاً لکان القبول و الایمان بامکان مثل هذا الامر أمراً محالاً بالنسبة للذین عایشوا أناساً فی طول حیاتهم لم تصل غایة أعمارهم الی مائتی سنة،‌ و لکن أفضل و اقوی دلیل علی امکان أی أمر هو وقوعه، ففی الوقت الحاضر لا مجال لأی شک و تردد فی إمکان هذا الأمر.

و قد ورد فی بعض المتون الدینیة بیان سر طول هذا العمر و الحکم و العلل فی ذلک، منها: 1. ان طول عمر و غیبة بعض الأنبیاء أفضل دلیل و نموذج علی إمکان الحیاة الطویلة و غیبة الامام المهدی (ع). 2. کونهم أنصاراً و مؤمنین للامام المهدی (عج).

الجواب التفصيلي

ان طول العمر و الحیاة الخالدة أمر خارق للعادة و من المعجزات الالهیة الکبیرة التی یمکن وقوعها و تصورها و فهم وقوعها فقط بالتفکر فی قدرة الله اللامتناهیة.

و لو ان هذا الامر لم یحصل فی مورد انبیاء عظام؛ مثل حضرة الخضر و الیاس و عیسی (ع) لکان قبوله امراً محالاً بالنسبة للذین عایشوا اناساً فی طول حیاتهم لم تصل غایة أعمارهم الی مائتی سنة، و لکن خیر برهان و اقوی‌ دلیل علی امکان ای أمر هو وقوعه، حیث وقع ذلک لهؤلاء الناس العظام، فذهب ذلک بکل انحاء الشک و التردد فی إمکان هذا الامر، و حول سر طول عمر و غیبة بعض الانبیاء؛ مثل حضرة الخضر و الیاس و عیسی (ع) و قد ورد فی بعض المتون الدینیة حکم و علل. قال الامام الصادق (ع) فیما یرتبط بالعمر الطویل لحضرة الخضر (الذی لا شک فی کونه الآن حیاً و مضی من عمره اکثر من ستة الآف سنة) [1] :

"... و اما العبد الصالح الخضر (ع) فان الله تبارک و تعالی و ما طوّل عمره لنبوة قدرها له و لا لکتاب ینزله علیه و لا شریعة ینسخ بها شریعة من کان قبلها من الانبیاء و لا لامامة یلزم عباده الاقتداء بها و لا لطاعة یفرضها له، بلی ان الله تبارک و تعالی لما کان فی سابق علمه ان یقدر من عمر القائم (ع) فی أیام غیبته ما یقدر و علم ما یکون من انکار عباده بمقدار ذلک العمر فی الطول، طول عمر العبد الصالح من غیر سبب أوجب ذلک الا لعلة الاستدلال به علی عمر القائم (ع) و لیقطع بذلک حجة المعاندین لئلاً یکون للناس علی الله حجة". [2] ، [3]

و من الأنبیاء الذین أطال الله أعمارهم و هم الآن أحیاء: النبی الیاس و النبی عیسی (ع).

و قد عبر عن النبی الیاس (ع) و عن الخضر (ع) بأنهما أوتاد و هم فی زمن الغیبة ملازمون للامام المهدی (ع). [4]

و ورد فی روایة بان سبب طول عمر و بقاء النبی الیاس (ع) حیاً هو عشقه و حبه المتزاید للمناجاة و عبادة الله، فقد ورد فی هذه الروایة ما مضمونه: ان عزرائیل دخل علی الیاس (ع) لیقبض روحه فبکی الیاس فقال عزرائیل أتبکی لانک ترجع الی ربک؟ فقال الیاس: ما بکائی للموت بل لفراق لیالی الشتاء الطویلة و أیام الصیف التی یقضیها أحباب الله بالعبادة و یناجون محبوبهم ملتذین بذلک و انا الآن افارقهم و اصبح أسیر التراب. فأوحی الله الی الیاس: أمهلتک الی یوم القیامة لحبک للمناجاة و خدمة الناس". [5]

و یقول القرآن حول بقاء عیسی (ع) حیاً: "و قولهم انا قتلنا المسیح عیسی بن مریم رسول الله و ما قتلوه و ما صلبوه و لکن شبه لهم و ان الذین اختلفوا فیه لفی شک منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن و ما قتلوه یقینا بل رفعه الله الیه و کان الله عزیزا حکیما". [6]

و قال الامام الحسن العسکری (ع) ما مضمونه: ان الیهود حاصروا البیت الذی کان فیه عیسی (ع) و ارسلوا شاباً اسمه (طیطانوس) لکی یقبض علی عیسی، فدخل الشاب البیت و فتش کل زوایاه و لکنه لم یعثر علی عیسی (ع) فخرج من البیت لیخبرهم بعدم عثوره علی عیسی (ع) فی البیت فمثله الله علی صورة عیسی (ع)، فقبض علیه الیهود ظناً منهم أنه هو عیسی (ع)، و لم ینفعه صراخه بانه لیس هو عیسی النبی (ص) فجاؤا به و صلبوه. [7]

و بناء علی أخبار موثقة فان عیسی (ع) سینزل من السماء الی الارض حین ظهور الامام المهدی (ع) و یصلی خلفه و یقوم بنصرته، ‌و سیهتدی الیهود و النصاری أیضاً الذین سیکونون یومئذ کثیرین حینما یرون ان عیسی (ع) یصلی خلف الامام صاحب الزمان (ع)، و یؤمنون بالدین الاسلامی کما قال الله تعالی جل جلاله فی القرآن الکریم فی سورة النساء الآیة 159 [8] : "و ان من اهل الکتاب الا لیؤمنن به قبل موته و یوم القیامة یکون علیهم شهیداً". [9]

و لا شک فی ان عیسی (ع) بنزوله ما بین الیهود و هم اهل اللجاجة و العناد سوف یحکم و یتم الحجة و سیکون یوم نزوله عظیماً مشهوداً بحیث لا یمکن التکذیب به و انکاره.

و بناء علی هذا فان العمر الطویل للنبی عیسی (ع) و الخضر (ع) و الیاس (ع) دلیل علی العمر الطویل للامام المهدی (ع) و هو رد علی دعاوی المنکرین و المعاندین. و کذلک فان هؤلاء أنصار الامام المهدی (ع) و مجالسیه و هم رفقاؤه فی وحدة الغیبة و غربتها و أعوانه. حیث روی عن الامام الرضا (ع) انه قال: "ان الخضر شرب من ماء الحیاة فهو حی لا یموت حتی ینفخ فی الصور و انه لیأتینا فیسلم علینا فنسمع صوته و لا نری شخصه و انه لیحضر حیث ذکر فمن ذکره منکم فلیسلم علیه و انه لیحضر المواسم فیقضی جمیع المناسک و یقف بعرفة فیؤمن علی دعاء المؤمنین، و سیؤنس الله به وحشة قائمنا فی غیبته و یصل به وحدته". [10]

اما لماذا اختار الله من بین جمیع الأنبیاء هولاء الثلاثة فقط؛ ای الخضر و الیاس و عیسی (ع) و لماذا لم یختر الآخرین، فلیس ذلک واضحاً و هذا من الامور التی لا یعرف سببها الا الله فقط. و لا یعبد ان یکون الله تعالی قد منح العمر الطویل لعدد اکثر من انبیائه و اولیائه و الصالحین و لم یصل الینا علمهم.



[1] یوم الخلاص، ص 157.

[2] کمال الدین، ج 2، ص 355؛ بحار الانوار، ج 51، ص 223.

[3] مقتبس من سؤال الرقم 3483 (الموقع: 4337)، الموضوع: القرآن و حضرة الخضر.

[4] سفینة البحار، مادة قطب.

[5] المخازن، السید عباس الکاشانی، 1، ص286.

[6] النساء، 157 و 158.

[7] قصص الانبیاء للجزائری، ص 421.

[8] علی احد التفاسیر.

[9] بحار الانوار، ج 9، ص 195؛ تفسیر الأمثل ، ج 4، ص 205، المخازن، السید عباس الکاشانی، ج 1، ص 386.

[10] حیاة القلوب، العلامة المجلسی، ج 1، ص 285.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...