Please Wait
7118
ان هذا الأمر غیر متصوّر فی عصر حکومة الامام العالمیة، و ذلک لانّ أسباب سقوط الحضارات و الحکومات اما تعود الى ظلم الحکام والانحراف عن اصول العدالة، أو بسبب انخداع الجماهیر بسبب وسائل الاعلام المضاد التی تستطیع خلق فجوة بین الشعب وبین حکومته، وهذه العوامل کلها مستحیلة الوقوع فی عصر حکومة الامام (عج (العالمیة.
انّ افول الحکومات وسقوط الحضارات یمکن من جهتین:
الف) زوال أرکان الحکومة بسبب الظلم والقهر والتعسّف الذی تمارسه الطبقة الحاکمة، والابتعاد عن جادة الصواب والعدل، والنتیجة الطبیعیة لهذا الانحراف، اما ثورة الشعوب وانتفاضتها على الحکومة، او تعرّض البلاد لهجوم القوى الاجنبیة و سقوط تلک الحکومة، ولذلک نرى الکثیر من الدول وعلى مرّ التاریخ قد سقطت بسبب تلک العوامل، فعلی سبیل المثال ان العامل الذی ادّى الى سقوط وانهیار الدولة الامویة على ید العباسیین، انما هو عامل الظلم وانعدام العدالة الذی کان المیزة البارزة فی الدولة الامویة، أو سقوط الدولة العباسیةعلى أیدی المغول، او الحکومة الساسانیة فی ایران التی سقطت وانهارت امام ضربات الجیوش الاسلامیة، وذلک لان الظلم والتعسّف قد وصل الى حدّ سلب من تلک الحکومات الدعم الشعبی لها والاسناد الجماهیری، ولذلک ما عاد الشعب مستعدا للدفاع عنها، بل کانت الشعوب تواقة وتنتظر بفارغ الصبر من یأتی لینقذها من وطأة وظلم حکامها، وهکذا وجدنا الأمر فی سقوط النظام الشاهنشاهی على ید الجماهیر المسلمة التی قادها الامام الخمینی الراحل (قدس) و التی کانت تتحرق الى العدل والحریة والانعتاق.
من هنا نجد جمیع الحکومات الظالمة سقطت باحدى هاتین الطریقتین اما السقوط بسبب الثورة الشعبیة او بسبب الغزو الخارجی وانهیار الجبهة الداخلیة.
ب) العامل الثانی الذی یؤدی الى سقوط الحکومات هو انخداع الشعوب وتضلیلهم بواسطة الحملات الاعلامیة المضادة الامر الذی ابتلیت به حکومة الامام أمیر المؤمنین (علیه السلام)، فالحملات الاعلامیة المضادة والغارات التی کان یقوم بها خصوم الامام (علیه السلام) والحروب التی فرضت على الامام (علیه السلام) سلبت من المجتمع فی ذلک العصر عملیة التفکیر والنظر الى الامور بموضوعیة، بالاضافة الى ان الامام (علیه السلام) لم یکن راضیا بالتصدّی لشؤون الحکومة بسبب الانحرافات الکبیرة التی وقعت قبل حکومته علیه السلام بحیث ان الکثیر من سراة القوم و خواص المجتمع قد تعرّضوا للانحراف و الانجراف وراء المغریات الدنیویة، الامر الذی جعل عملیة التغییر والاصلاح واقامة العدالة ومواجهة تلک الشخصیات المتنفذة سببا لبروز الکثیر من المشاکل والعقبات والتحدیات واثارة الفتن امام الامام (علیه السلام)، ثم ان الجماهیر وبسبب کل عوامل الضغط المذکورة لم یدرکوا الحقیقة الناصعة ولم یبدوا موقفا حازما تجاه الحملات الاعلامیة المضادة.[1] مما ادّى فی نهایة المطاف الى شهادة الامام (علیه السلام) وانتهاء حکومته.
ولکن اذا نظرنا الى الحکومة العالمیة لولی الله الاعظم "ارواح العالمین لتراب مقدمه الفداء" نجد ان العامل الاوّل غیر متصوّر قطعا.
وکذلک العامل الثانی هو الآخر غیر متصوّر، وذلک لان الناس یصلون فی ذلک العصر الى درجة عالیة من الوعی والتعقل وارتفاع مستوى الفهم والوعی والادراک السیاسی لدى الامة، کما ان حکومته (علیه السلام) تمسک بزمام امور التبلیغ والارشاد واجراء جمیع الاحکام الاسلامیة وتطبیق جمیع القیم الاسلامیة کالامر بالمعروف والنهی عن المنکر، من هنا لا تحدث فجوة بین الجماهیر وبین حکومة الامام(علیه السلام) وبالنتیجة ینتفی العامل الثانی هو الآخر.
نعم، یبقى الشیطان یحیک المؤامرات ویوسوس لاتباعه والسائرین على منهجه ویتمکن من خداع البعض، الا ان الغالبیة العظمى من الناس تبقى مصانة عن الانحراف والانجراف مع الاعیب الشیطان ومکره.[2]