Please Wait
7352
1- بیان ماهیة الاوراق النقدیة عندکم و المتداولة هذه الایام؟
2- ما حکم شراء و بیع الاوراق النقدیة؟
3- هل یجوز تلافی أو أخذ فارق القیمة عند إقراض الاموال أو ان ذلک یعد من مصادیق الربا؟ و ما هو حکمها فی الخمس و المهر و الدیة و غیر ذلک؟
4- هل ترون أن التورم یعد مقتضیا شرعیا لتلافی فرق قیمة العملة؟
5- هل یوجب هبوط القیمة الضمان؟
6- ما هو دور العرف فی جبران و تلافی هبوط القیمة شرعا؟
الالتفات الى الامور التالیة یساعدنا فی الوصول الى الاجابة عن الاسئلة:
1- کل شیء یعتبره العقلاء مالاً فهو مال شرعا و یترتب علیه آثار المالیة الا الاشیاء التی سلب الشارع المالیة منها. و المال عند العقلاء هو کل شیء له قیمة المبادلة و هذه فی الغالب لها قیمة استعمالیة و نادرة؛ و کلما کثر قلت قیمته السوقیة؛ من هنا یکون المیزان فی قیمة المبادلة هو مقدار العرض و الطلب أی أن القیمة السوقیة مرتبطة بالقیمة الاستعمالیة و تتناسب معها تناسبا عکسیا.
2- ان المسکوکات النقدیة فی العصور الماضیة کانت ذات قیمة ذاتیة یعنی انها مسکوکة من الذهب و الفضة و بغض النظر عن نوع السکة، فهی کسائر السلع التی قیمتها فی ذاتها؛ لذلک یکون للوزن و العیار أهمیة کبیرة فی تلک الاموال، و هذا ما لا یتوفر فی الاوراق النقدیة المعاصرة.
3- ان للنقد فی جمیع العصور قیمة اعتباریة و لها دور الواسطة فی التبادل التجاری.
4- صحیح أن الاوراق النقدیة المتداولة الآن لیس لها قیمة ذاتیة لکن هذا لایعنی ان حکمها حکم السفتة فی کونها علامة و سند لا غیر؛ من هنا لو تلفت الاوراق یقول صاحبها تلف مالی و لایصح ذلک فی تلف السفتة.
5- لقد طرحت مسالة هبوط القیمة فی عدد من الابواب الفقهیة کالخمس و المهر و الضمان و القرض و... و من بین هذه الامور یمکن القول فی بحث الضمان بانه یجب على الغاصب ضمان هبوط القیمة، و لا یلحظ ذلک فی الموارد الاخرى التی تهبط فیها القیمة ایضا، فعلى سبیل المثال لایجوز شرعا أخذ الزیادة على القرض عند هبوط، و لکن فی عصرنا الراهن الذی تهبط فیه القیمة بسبب التضخم، یمکن أن یصار الى ضمان ذلک النقص من خلال عقود أخرى، و الا فالقرض مبتنی على تملیک العین مقابل الاجر الاخروی من دون ای ربح دنیوی.
للاجابة عن الاسئلة المطروحة یمکن الاشارة الى بعض المقدمات:
1- کل شیء یعتبره العقلاء مالاً فهو مال شرعا و یترتب علیه آثار المالیة الا الاشیاء التی سلب الشارع المالیة منها. و المال عند العقلاء هو کل شیء له قیمة المبادلة و هذه فی الغالب لها قیمة استعمالیة[1] نادرة؛ و کلما کثر قلت قیمته السوقیة؛ من هنا یکون المیزان فی قیمة المبادلة هو مقدار العرض و الطلب أی أن القیمة السوقیة مرتبطة بالقیمة الاستعمالیة و تتناسب مع کثرتها تناسبا عکسیا.[2]
2- ان المسکوکات النقدیة فی العصور الماضیة کانت ذات قیمة ذاتیة یعنی انها مسکوکة من الذهب و الفضة و بغض النظر عن نوع السکة، فهی کسائر السلع التی قیمتها فی ذاتها؛ لذلک یکون للوزن و العیار أهمیة کبیرة فی تلک الاموال، و هذا ما لا یتوفر فی الاوراق النقدیة المعاصرة.[3]
3- ان للنقد فی جمیع العصور قیمة اعتباریة و لها دور الواسطة فی التبادل التجاری.[4]
4- ان الاوراق النقدیة الرائجة الیوم و ان کانت فاقدة للقیمة الذاتیة الا ان ذلک لایعنی انها لاتختلف عن السفتة لان السفتة مجرد علامة و سند لا غیر؛ من هنا لو تلفت الاوراق النقدیة یقول صاحبها تلف مالی و لایصح ذلک فی تلف السفتة.[5]
5- یجیز الاسلام تبادل النقدین( الذهب و الفضة) بعضها بالعض الآخر و یطلق على هذا النوع من المعاملة ببیع الصرف و بشروط خاصة منها التقابض فی المجلس و عدم التفاضل فی الجنس الواحد.[6]
و قد ذهب اکثر الفقهاء استنادا الى الادلة الواردة فی هذا الباب الى احتمال وجود الخصوصیة فی النقدین و قالوا بان هذه الاحکام ناتجة بسبب القیمة الذاتیة للدینار و الدرهم؛ فلا یجری حکم الصرف على الأوراق النقدیة کالدینار العراقی و النوط الهندی و التومان الإیرانی و نحوها من الأوراق المستعملة فی هذه الأزمنة استعمال النقدین، فیصح بیع بعضها ببعض و إن لم یتحقق التقابض قبل الافتراق.[7] و لا اشکال فی اخذ الزائد.[8]
6- یوجد فی الفقه الاسلامی ابواب أخرى ترتبط بنحو بمسألة الاموال و قیمتها نشیر الى بعضها بنحو اجمالی:
6-1: الخمس: قال بعض الفقهاء فی مبحث الخمس: انه لابد من ملاحظة فارق العملة و القدرة الشرائیة فی مجال حساب المؤونة فی الخمس، فعلى سبیل المثال لو کانت نسبة التضخم الاقتصادی فی البلد 10 بالمائة فلابد من مراعاة ذلک فی الحساب فلو فرضنا ان المکلف ادى خمس ماله البالغ مائة دینار عن العام الماضی و زاد ماله و اراد تخمیسه فلابد من استقطاع 110 دنانیر و اعتبارها مخمسة و تخمیس ما زاد عنها.[9]
الا ان طائفة اخرى من الفقهاء ذهبوا الى أن موضوع الخمس فی الآیة المبارکة هو الغنیمة و الربح[10] و أن میزان الربح فی العرف کمیة النقد لا القوة الشرائیه؛ و على هذا الاساس یرى الناس عرفا أن من اشترى قطعة ارض ثم باعها - بسبب التضخم الاقتصادی باکثر من قیمته- انه ربح فی البیع و الشراء و ان کان مبلغ البیع یتحد مع مبلغ الشراء فی القیمة بالرغم من انه اکثر منه عددا؛ و من هنا افتى الفقهاء بوجوب الخمس فی مثل هذه الموارد.
6-2: المهر: صحیح أن المهر طبقا لقوانین الجمهوریة الاسلامیة یحسب الآن وفقا للقیمة الشرائیة الفعلیة[11] و عللوا ذلک برفع الحیف و الظلم الذی یقع على المرأة بسبب هبوط القیمة، لکن مع ذلک نرى من الفقهاء من قال إن المعیار هو النقد، فاذا صرج بنقد ما فی متن العقد فهو المعیار فی المحاسبة و إن ضعفت قوته الشرائیة، و أما الضرر الذی تتعرضت له المرأة فهو ضرر تعرضت له عن علم و اختیار منها، فلا یحق لها جبر ذلک الضرر من أموال الآخرین؛ فاذا کانت ترید التخلص من الضرر فعلیها أن تجعل مهرها شیئا آخر غیر النقدین مما تکون له قیمة ذاتیة بحیث لایتأثر بتقادم الزمان.
6-3: الضمان: إن بحث الضمان من الابحاث تطرح فی اکثر من باب من ابواب الفقه من قبیل الغصب، و القبض بالعقد الفاسد و القرض و.... و قد افتى الفقهاء فی باب الغصب ان على الغاصب ارجاع العین المغصوبة الى صاحبها و مع تلفها یجب علیه ضمان القیمة فی القیمیات او المثل فی المثلیات.
نعم هناک اختلاف بین الفقهاء فی خصوص المثلیات التی تضعف فیهاالقیمة الشرائیة[12] فهل یکفی إعطاء المثل او لا؟ ام استنادا الى تأثیر الشروط الزمانیة و المکانیة فی القیمة و المالیة و لا فرق من هذه الناحیة بین الذهب و الفضة و الاوراق النقدیة و التمسک بمفاد " على الید ما اخذت حتى تؤدیه"[13] و بناء العقلاء و الادلة الاخرى، فیمکن القول استنادا الى هذا کله بانه یجب ضمان نقص القیمة؛ و ذلک لانه لم یرد فی الحدیث المذکور قید عند التلف؛ من هنا تکون العین مضومنها طبقا لجمیع شروطها و شؤونها و من هذه الشؤون شأن القیمة الشرائیة سواء تلفت او نقصت.[14]
6-4: القرض: من خلال ما ذکرنا فی بحث الضمان یمکن الوصول الى نتیجة مؤداها بانه یجب على المقترض ضمان هبوط القیمة الشرائیة للمال المقترض؛ لکن یظهر من الادلة الکثیرة الواردة فی باب القرض أن المعیار و الملاک فی القرض هو العین لا المالیة؛ من هنا لوحظت زیادة العین و نقصانها فی نفی الربا لا زیادة القیمة أو نقصانها.
و الشاهد انه لو کان المیزان فی القرض هو المالیة ففی حالات عدم التعادل الاقتصادی لابد من غلق باب القرض بالکامل؛ و ذلک لان المحاسبة الدقیقة للقمیة الشرائیة اما غیر ممکنة او صعبة جدا، هذا من جهة و من جهة اخرى ان الربا المحرم فی الاسلام قسم الى قسمین: الربا القرضی و الربا المعاملاتی، و الربا القرضی هو اشتراط الزیادة فی القرض[15]، فاذا کان القرض الذی هو امر مستحب یستتبع هذه المشاکل فمن الواضح ان الناس لایقدمون علیه مما یؤدی الى اغلاق باب القرض و الالتزام بان ادلة القرض تجری فی الحالات التی تتسم بالثبات الاقتصادی؛ و هذا ما لایسلم به احد.[16]
نعم لو أراد الانسان أن یحتاط لنفسه فی قبال انهیار القیمة المالیة بحیث لایصاب بالضرر جراء ذلک فعلیه أن یعتمد اسلوبا آخر فی التعامل و التعاقد[17] یجنبه الوقوع فی الخسارة نشیر الى طریقین منها:
الف: شرط القرض فی البیع: مثلا لو أراد صاحب المال اقراض شخص ما 100 دینار لمدة ثلاثة اشهر و عرف أن قیمتها الشرائیة سوف تهبط بما یعادل خمسة دنانیر فیمکن حینئذ لجبران الضرر ان یبیع المقترض سلعة بخمسة دنانیر اکثر من قیمتها و یشترط على البائع فی ضمن عقد البیع اقراضه 100 الف. أو أن المقترض یقول اشتری منک هذه السلعة باکثر من قیمتها السوقیة بشرط ان تقرضنی 100 دینار.[18]
ب: بیع العملة دینا: بمعنى انه یمکن تبدیل القرض الى بیع و بیع المال الذی یراد اقراضه دیناً بان یبیع الالف دینار بالفین لمدة سنة. و قد صحح اکثر الفقهاء هذا النوع من العقد، و لم یروا فیه أی إشکال لان الربا المعاملاتی انما یصدق فی المکیل و الموزون لا فی المعدود، و الاوراق النقدیة تعتبر من المعدودات[19]، فلا اشکال فی بیعها مع التفاضل من هنا یمکن القول بانه لا اشکال حتى فی بیع الاوراق النقدیة نقدا.[20]
النتیجة: صحیح ان قیمة العملة فی عصر النبی الاکرم (ص) و الائمة کانت تحظى باستقرار نسبی من جهة هبوط القیمة الا انه قد تکون هناک عوامل اخرى ادت الى المنع شرعا عن اخذ الزیادة الربویة؛ الا انه فی عصرنا الراهن الذی تکون فیه الامول عرضة لهبوط القیمة فیمکن للانسان أن یعتمد طرقا اخرى للتخلص من الضرر الذی یوجبه ضعف القیمة الشرائیة... .[21]
[1] القیمة الاستعمالیة تعنی قیمة الشیء بلحاظ المنفعة التی یحصل علیها الشخص المستعمل، کرغیف الخبز الذی منفعته هی الشبع وقیمته المالیة هی تلک القیمة التبادلیة فی السوق.
[2] هادوی الطهرانی، مهدی، مکتب و نظام اقتصادی اسلام، ص 103 - 114.
[3] لمزید الاطلاع انظر: عابدینی احمد، مجلة الفقه، العدد 11 و 12، تحت عنوان "تورم و ضمان= التضخم و الضمان"، ص 75 - 81.
[4] نفس المصدر؛ و انظر: ابراهیمی، محمد حسین، «پول، بانک، صرافی»، ص30 ـ 13.
[5] انظر: المطهری، مرتضی، «مجموعه آثار»، ج 20، ص 304 و 305.
[6] انظر: الروضة البهیة فی شرح اللمعة الدمشقیة (ط-الحدیثة)، ج 3، ص 374.
[7] الخویی، أبوالقاسم، «منهاج الصالحین»، ج 2، ص 56، مسئلة 226.و قد ذهب السید الشهید محمد باقر الصدر (ره) الى لزوم التقابض مع اختلاف النقدین (التعلیقة على المنهاج، ج 2، ص 76).
[8] العروة الوثقى، کتاب الربا، ج 2، ص 48، المسألة 5: یجوز بیع الاوراق النقدیة المتداولة مع الزیادة و النقیصة و لیس ذلک من الربا لان الربا فی المکیل و الموزون و الاوراق النقدیة المتداولة من المعدودات.
[9] نقلا عن الاستاذ هادوی الطهرانی بصورة شفاهیة.
[10] و لاخصوصیة للنقدین فی باب الخمس بل الاطلاق یشمل کلما صدق علیه عنوان المال أو الربح مع توفر الشروط المذکورة فی الفقه کحلول رأس السنة و...، فلابد من دفع خمسه اما الى الامام او الحاکم الشرعی و مراجع التقلید.
[11] على سبیل المثال لو فرضنا ان مهر المرأة عام 1980م کان 2000 دینار، فاذا اراد الزوج ان یدفع المهر او ما تبقى منه للمرأة عام 2006م فحینئذ یحسب المهر موافقا لقیمته الشرائیة للعام 1980م.
[12] نعم یذهب هؤلاء الفقهاء انفسهم الى عدم کفایة إعطاء المثل فی الموارد التی یفقد المغصوب قیمته الشرائیة بالکامل.
[13] المحدث النوری، مستدرکالوسائل، ج 17، ص 89، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) قم، 1408 هجرى قمرى.
[14] انظر: کراسة درس الاستاذ محمد علی کرامی، ص 39 - 44.
[15] ذکر المتخصصون مجموعة من النظریات بالنسبة الى فلسفة حرمة الربا القرضی، نرى ان نظریتین منها تستحق الاهتمام:
الف: ان طبیعة القرض لاتقبل الربح لان القرض تملیک المال للغیر و من هنا لو تلف المال بید المقترض فهو ضامن له و لا یتحمل المقرض أی خسارة و کذلک لایعود علیه نفع اذا ربح المال.( مجموعة آثار الشهید المطهری، ج20، ص 272 و ما بعدها).
ب: طبیعة الربا انه یجب على آخذ المال ان یدفع لصاحبه مقدارا معینا من المال فی الاجل المعین فاذا لم یؤد فی الاجل المذکور فعلیه ان یؤدی نفع هذه الربح ایضا و ذلک طبقا للنفس العقد السابق و لایحتاج الى عقد ثانوی جدید، و هذا یعنی ان الملاک فی حرمة الربا کونه معاملة غرریة.( لمزید الاطلاع انظر: کراسة درس الاستاذ محمد علی کرامی، ص 7- 23.
[16] نفس المصدر، ص 4- 44.
[17] ذهب البعض الى عرض المعدل العام الذی یحدده البنک المرکزی، یمکن من خلاله الاحتیاط و صیانة المقرض من الوقوع فی الضرر بسبب هبوط القیمة الشرائیة للمال. الا انه و کما مر لا یمکن القبول بهذه النظریة بسبب عدم امکان المحاسبة الدقیقة للمال و جهالت المالیة حین العقد و الاداء و لزوم الربا.( انظر الابراهیمی، محمد حسین " پول ، بانک، صرافی" ص 109 - 114، و " قرض الحسنة" ص94 - 96، لنفس المؤلف.
[18] هناک بحث مطروح فی مطاوی الفقه تحت عنوان " الحیل الشرعیة للتخلص من الربا" و قد اختلف الفقهاء بین مجوز ومانع منه؛ و على أی ان الصورة التی ذکرناها طریقة یمکن الدفاع عنها لعدم ورود الاشکالات الثلاثة علیها وهی:1- کون المعاملة سفهیة،2- عدم قصد الانشاء، 3- وجود روح الربا فیها.
و لمزید الاطلاع انظر: تحریر الوسیلة، ج 1، ص 495، المسالة 7؛ کراسة درس الاستاذ محمد علی کرامی، ص23- 38.
[19] انظر: المطهری، مرتضی، «مجموعه آثار»، ج 20، ص345 و 346؛ کراسة درس الاستاذ محمد علی کرامی، ص22.
[20] نعم ذهب بعض الفقهاء کالامام الخمینی (قدس) الى عدم جریان احکام بیع الصرف فی بیع الاوراق النقدیة الا انهم مع ذلک منعوا اخذ الزیادة فرارا من الربا.( انظر تحریر الوسیلة، ج 1، ص 496، المسالة 3.
[21] انظر: الشهید مرتضى المطهری، فلسفة حرمت الربا از دیدگاه شهید مطهری.