Please Wait
5236
حیث إن الأدعیة الموجودة عند الشیعة هی أدعیة وصلتنا من أئمة الشیعة الذین هم أهل بیت النبی(ص)، و کما أوصی النبی(ص) فإن التمسک بهم و اتباعهم یؤدی الی النجاة، بالاضافة الی أن فی الدعاء صلاح الإنسان و نجاحه باتفاق الشیعة و أهل السنة. فمن البدیهی أن تکون الأدعیة الواردة عن طریق هؤلاء أقرب الی الواقع و الی الاجابة، فهذه فرصة مناسبة ینبغی استغلالها.
(ادعونی استجب لکم)[1]؛ اذکرونی (بالدعاء) اذکرکم (بالاجابة).
1- الدعاء هو نوع من اکتساب القابلیة للحصول علی سهم أوفر من الفیض الإلهی اللامتناهی. و بعبارة اخری؛ إن الإنسان یحصل بواسطة الدعاء علی استعداد و قابلیة أکبر لنیل الفیض الإلهی. و بدیهی أن یکون السعی نحو التکامل و اکتساب المزید من الاستعداد هو عین التسلیم فی مقابل قوانین الخلقة و لیس شیئاً علی خلافها.
و یضاف الی کل هذا إن الدعاء هو نوع من العبادة و الخضوع و العبودیة، و بواسطة الدعاء ینال الإنسان نصیبه من التوجه الی ذات الله سبحنه، و کما أن لجمیع العبادات آثارها التربویة فإن للدعاء مثل هذا الأثر أیضاً.
و المواهب الإلهیة تقسم علی حسب الاستعدادات و القابلیات فکلما ازداد الاستعداد و اللیاقة یکون للإنسان نصیبه الأوفر من تلک المواهب.
و من هنا نری الإمام الصادق(ع) و هو السادس من ائمة الشیعة یقول: "یا میسر ادع و لا تقل إن الأمر قد فزع منه إن عند الله عزوجل منزلة لا تنال الا بمسألة"[2].
و یقول أحد العلماء: "إننا حینما ندعو فإننا نربط أنفسنا و نوصلها بالقوة اللامتناهیة التی تربط بین جمیع الکائنات" و یقول أیضاً "أن أحدث العلوم فی عصرنا الحاضر و هو علم النفس یدرس نفس الأمور التی کان الأنبیاء یعلمونها الناس، لماذا؟ لأن علماء النفس اکتشفوا أن الدعاء و الصلاة و الاعتقاد القوی بالدین یزیل القلق و الاضطراب و الخوف الذی یشکّل النصف الأکبر من مشاکلنا". [3]
2. المفهوم الواقعی للدعاء:
بعد أن عرفنا أن الدعاء یکون عند عجز قدرتنا و لیس فی مورد القوة و القدرة و بعبارة اخری: إن الدعاء المستجاب هو الدعاء الذی یکون بمضمون "أمّن یجیب المضطر إذا دعاه و یکشف السوء"[4] و ذلک حین الإضطرار و فشل جمیع الجهود و المساعی، یتضح أن معنی الدعاء هو طلب توفّر الأسباب و العوامل الخارجة عن دائرة قدرة الإنسان و ذلک من قبل من له قدرة غیر متناهیة و کل أمر عنده سهل یسیر و لکن لا ینبغی أن یصدر هذا الطلب من اللسان فقط بل ینبغی ان ینطلق من اعماق الانسان و یکون اللسان حینئذٍ ممثّلاً و ترجماناً لجمیع ذرات وجود الإنسان و أعضائه و جوارحه.
و یتّصل القلب و الروح بالله اتصالاً قریباً عن طریق الدعاء. و کما تتّصل القطرة بالمحیط اللامتناهی فإنه یتصل معنویاً بمبدأ القدرة اللامتناهیة.
و ینبغی الالتفات الی أن هناک نوعاً آخر من الدعاء یکون حتی فی موارد القدرة و الاستطاعة و هو الدعاء الذی یکشف عن عدم استقلال قدراتنا فی مقابل القدرة الإلهیة، و بعبارة اخری أن معناه هو الالتفات الی حقیقة أن الأسباب و العوامل الطبیعیة بکل ما لها من الآثار إنما تکون من قبله و بأمره، فإذا لجأنا الی الدواء و طلبنا فیه الشفاء فلأنه هو الذی قد جعل ذلک الأثر للدواء.
و الخلاصة هی أن الدعاء نوع من التنبیة و الیقظة للقلب و الفکر و ارتباط باطنی بمبدأ الخیر و الجمال و لذا نقرأ فی کلام أمیر المؤمنین علی(ع) :"إن الله لا یقبل دعاء قلب لاه"[5].
و بالالتفات الی ما قدّمنا من التوضیح، فإن الدعاء ارتباط قلبی و روحی من قبل المحتاج بکل وجوده مع الغنیّ المطلق و کل أمر یؤدی الی زیادة هذا الارتباط فهو مطلوب (بشرط أن لا یخرج عن دائرة الشرع).
و حیث إن الأدعیة الموجودة عند الشیعة هی أدعیة وصلتنا عن ائمة الشیعة الذین هم أهل بیت النبی(ص) و کما أوصی النبی(ص) فإن التمسّک بهم و اتباعهم یؤدی الی النجاة[6] بالاضافة الی أن فی الدعاء صلاح الإنسان و نجاحه باتفاق الشیعة و أهل السنة، فمن البدیهی أن تکون الأدعیة الواردة عن طریق هؤلاء أقرب الی الواقع و الی الاجابة، فهذه فرصة مناسبة ینبغی استغلالها.[7]
و للإطلاع أکثر حول شروط الدعاء یمکنکم مراجعه الجواب 2145 (الموقع: ).
[1] المؤمن، 60.
[2] الکلینی، اصول الکافی، ج 2، ص 338، باب فضل الدعاء و الحث علیه، ح 3، الطبعة الرابعة، دار الکتب الإسلامیة، تهران، 1365 هـ ش.
[3] دستور الحیاة، ص 156، نقلاً عن المکارم الشیرازی، تفسیر الأمثل، ناشر: دار الکتب الإسلامیة، چاپ تهران، چاپ اول، 1374 ش.
[4] النمل، 62.
[5] الکلینی، اصول الکافی، ج 2، ص 342، باب الاقبال علی الدعاء، ح 1.
[6] المکارم الشیرازى، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 1، ص531 و 532.
[7] فی حدیث "الثقلین" المشهور و المنقول بشکل متواتر فی المصادر الروائیة للشیعة و أهل السنة یقول رسول الله(ص): "إنّی تارک فیکم الثقلین کتاب الله و عترتی أهل بیتی ما إن تمسّکتم بهما لن تضلّوا بعدی أبداً فإنهما لن یفترقا حتی یردا علی الحوض"؛ الترمذی، الصحیح، ج 2، ص 380؛ أحمد بن حنبل، المسند، ج 3، ص 17.