بحث متقدم
الزيارة
7596
محدثة عن: 2010/07/17
خلاصة السؤال
لو کانت عائشة هی المقصودةأم المؤمنین و أن القرآن برأها و أعلن طهارتها فکیف حاربت الإمام علیاً(ع) فی واقعة الجمل؟
السؤال
لو کانت عائشة هی المقصودة أم المؤمنین و أن القرآن برأها و أعلن طهارتها فکیف حاربت الإمام علیاً(ع) فی واقعة الجمل، فهل أن الإمام مخطئ أم الله؟
الجواب الإجمالي

إذا کان المراد ما أفادته آیات التطهیر و هو الطهارة المطلقة الشاملة فإن آیة التطهیر مختصة برسول الله(ص) و الإمام علی(ع) و فاطمة(س) و الإمام الحسن(ع) و الإمام الحسین(ع) و لا تشمل أزواج النبی(ص) و أما فیما یتعلّق بالبراءة من تهمة الإفک - علی فرض نزول الآیة فیها- فلا یعنی ذلک الطهارة المطلقة و عدم الخطأ و الاشتباه فی میدان السیاسة و الاجتماع فإن القرآن الکریم هدّد بعض أزواج النبی بالطلاق بسبب عصیانهنّ له و إفشاءهن بعض أسراره.

الجواب التفصيلي

للإجابة عن هذا السؤال من اللازم إیضاح بعض النقاط.

1ـ معنى کون أزواج النبی أمهات المؤمنین: أن الباری تعالی خاطب المؤمنین فی الآیة 6 من سورة الأحزاب بقوله: «النَّبِیُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ» و هذه الآیة بصدد بیان حرمة أزواج النبی، حیث یقول فی الآیة الأخرى: «وَ مَا کَانَ لَکُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لَا أَنْ تَنْکِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا» [1] و لیس للآیة دلالة وراء ذلک [2] .

2ـ إعلان طهارة أزواج النبی فی القرآن: إذا کان المراد فی السؤال الطهارة المطلقة الشاملة الواردة کما فی آیة التطهیر، فلا بد من القول أن آیة التطهیر تتعلق بالنبی الأکرم(ص) و الإمام علی(ع) و فاطمة(س) و الإمام الحسن(ع) و الإمام الحسین(ع) و لا تشمل أزواج النبی(ص).

و للاطلاع یراجع الموضوع: آیة التطهیر، السؤال 1504 (الموقع: 1557).

و أما قضیة الإفک و تبرئة أزواج النبی من تهمة مخالفة العفة فالقصة کالتالی: إن إحدى زوجات النبی(ص) کانت تصاحبه فی إحدى الغزوات «و طبقاً لروایة أهل السنة فإن البعض یقول هی عائشة و البعض الآخر یقول هی ماریة القبطیة» [3] . و لسبب ما تأخرت عن القافلة حال رجوعها إلى المدینة، و حین علم المنافقون استغلوا الحدث لتشویه سمعة النبی(ص) من خلال إلصاق التهمة بإحدى زوجاته. و لکن الله نفى هذه التهمة و ردّها دفاعاً عن نبیه، حیث أکد طهارة زوجة النبی(ص) من هذه التهمة [4] ، و قد صرحت الآیة بعفة و طهارة زوجة النبی مما یخالف العفة، و هذا الدفاع عن طهارة زوجات النبی هو دفاع عن کرامة النبی و النبوة، لأن مثل هذه التهمة الشائنة تخلّ بأمر الرسالة. و لکن هذه الشهادة القرآنیة لا تعنی الطهارة المطلقة و العصمة کما هی الحال بالنسبة إلى المعصومین عن الخطأ و الذنب و النسیان و الاشتباه. فبعض نساء النبی ارتکبن الأخطاء و أفشین أسراره ثم طلبن التوبة، کما فی قوله تعالى: «إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُکُمَا وَ إِنْ تَظَاهَرَا عَلَیْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَ جِبْرِیلُ وَ صَالِحُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَلَائِکَةُ بَعْدَ ذَلِکَ ظَهِیرٌ (4) عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَکُنَّ أَنْ یُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَیْرًا مِنْکُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَیِّبَاتٍ وَ أَبْکَارًا» [5] .

و بروایة السنة و الشیعة إن المرأتین هما حفصة و عائشة [6] ، و هذه الآیات تصرح بمخالفة هاتین المرأتین و یوجه لهما التهدید بالطلاق، فعندما یصدر هذا الخطأ الفاحش منهن فی زمن رسول الله(ص) ألا یمکن أن یصدر منهن خطأٌ بعد وفاته؟ و هل أن مخالفتهن للإمامة و الولایة أشدّ من مخالفتهنّ للنبی(ص)، مع أن جمیع المذاهب الإسلامیة تقول بخلافة الإمام علی(ع) بعد مقتل عثمان و أنه الخلیفة الرابع الذی تجب طاعته، فمن المسلم أن الخروج على الإمام و مخالفته تساوی الخروج على النبی(ص) و مخالفته إضافة إلى أن القرآن دعا نساء النبی إلى أن یقرن فی بیوتهن و یلتزمن التقوى [7] ، فالخروج لحرب ولی المسلمین ألا یخالف آیة «و قرن فی بیوتکن»؟.

یمکنکم مراجعة أحداث حرب الجمل فی السؤال رقم 1168 (الموقع: 1174).


[1] الأحزاب، 53.

[2] صرحت الکثیر من تفاسیر أهل السنة بأن المراد من "أم المؤمنین" زوج النبی  حرمة الزواج بها، و احترامها الشدید.

انظر: الجصاص، أحمد بن علی، أحکام القرآن، ج 5، ص 225، دار الإحیاء، بیروت، 1405؛ البیضاوی، عبد الله بن عمر، أنوار التنزیل و أسرار التأویل، ج 4، ص 225، دار إحیاء التراث، بیروت، 1405؛ الأندلسی، أبو حیان، البحر المحیط فی التفسیر، ج 8، ص 454، دار الفکر، بیروت، 1404.

[3] تفسیر القمی، ج 2، ص 99.

[4] النور، 11.

[5] التحریم، 4 و 5.

[6] الطباطبائی، محمد حسین، ترجمة المیزان، ج 19، ص 555، جماعة المدرسین فی الحوزة العلمیة بقم، قم، 1374 ش؛ فتح القدیر، ج 5، ص 298؛ أنوار التنزیل، ج 5، ص 224؛ البحر المحیط فی التفسیر، ج 10، ص 210.

[7] الأحزاب، 33.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...