بحث متقدم
الزيارة
8610
محدثة عن: 2012/05/20
خلاصة السؤال
کیف نبعد الافکار و التخیلات الشهوانیة عن أنفسنا؟
السؤال
انا شاب عمري 24 سنة اعزب و طالب جامعة و اسکن في القسم الداخلي و یعتبرني الآخرون متدیناً، و قد کنت کذلک، و لکن و بتأثیر بیئة طهران و الجامعة و رفاق السوء فقد إهتز إیماني، حتی اني بدخولي المفاجئ علی الانترنیت في صیف هذه السنة ابتلیت بالذنوب التي کلما تذکرتها شعرت بالخجل الی أن وصل الامر الی...! و قد تبت منذ شهر و انا ارجو رحمة ربي، و لکني مع توبتي و صومی و جوعي و حذري مما یرد علی قلبي و صلاتي و... فان الافکار المثیرة للشهوة و المناظر التي قد رأیتها و ارتکبتها تؤذیني، و تؤثر علی علاقتي مع اصدقائي و لها آثار سیئة جداً علی إیماني و قد اثرت علی دراستي اضافة الی کونها بنفسها ساحة للذنوب. و لا ادري ماذا افعل؟ و لا استطیع المشورة مع أحد . ارجو ان ترشدوني. علماً بأني قبل هذه المرحلة السوداء کنت قد ابتلیت بالصداقة الشیطانیة، و کانت علی مستوی التفکیر مع اصدقائي، و کان لها أثرها طبعاً في ارتکاب ذنوبي السابقة، و کان الله تعالی یرعاني بلطفه، و لکن الحالة ساءت بعد ذلک. علماً باني لا استطیع الزواج حالیاً.
الجواب الإجمالي

إن الافکار الشیطانیة تخطر علی ذهن کل انسان. و لکن علی الانسان أن یجد بدیلاً لهذه الافکار، و یسوقها بالاتجاه الصحیح لکي لا تستمر و تؤدي الی ارتکاب الاعمال السیئة و الذنوب. و یمکننا ابعاد هذه الافکار الشیطانیة عن طریق ملء اوقات الفراغ و التوکل و التوسل و قراءة الادعیة الواردة عن المعصومین و...

الجواب التفصيلي

ان افکار الانسان کمثل الماکنة التي اذا لم یتم السیطرة علیها فانها من الممکن ان تتجه الی کل الجهات، و لکن السائق الماهر یستطیع ان یحرکها بالاتجاه الصحیح و یصل بها الی المحل المقصود.

و للسیطرة علی الافکار و التحکم بها یلزم السعي الجاد من اجل عدم الابتلاء بالوساوس الشیطانیة. فان الانسان اذا التفت الی آثار افکار السوء و عواقبها فانه سیسعی لان یوجه افکاره الی الاتجاه الصحیح. و من طرق السیطرة علی الغریزة الجنسیة و الافکار الشیطانیة و الشهوانیة ما یلي:

1- التعقل: ان أحد طرق السیطرة علی الاحاسیس و الافکار السیئة، و تهدئة الغریزة الجنسیة هو استخدام قوة التعقل و التفکر، و قد اشار أمیر المؤمنین علي (ع) الی هذه الحقیقة عندما قال: (  إن للقلوب خواطر سوء و العقول تزجر منها)[1].

بناءً علی هذا فان العقل حارس ناصح یحول دون طغیان الغریزة، فان من یتخذ من عقله مرشداً له فسوف لن یرجح لذة وقتیة علی اللذة الدائمیة، و هو حین یفکر في مفاسد و نتائج الانفلات و التحلل، فانه سوف یتجنب اتباع الافکار الشیطانیة و الاندفاع الاعمی نحو المیول و الرغبات الشهوانیة. و بالطبع فان العقل الضعیف و العاجز لا یستطیع السیطرة أبداً علی العواطف و الاحاسیس الحادة لمرحلة الشباب. بل یجب جعل العقل نورانیاً و هو ما یحصل عن طریق القیام باعمال البر و التوکل علی الله تعالی و التوسل بالائمة المعصومین(ع) .یقول أمیر المؤمنین علي (ع): (ذِكْرُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ شِفَاءٌ مِنَ الْوَعْكِ وَ الْأَسْقَامِ وَ وَسْوَاسِ الرَّيْبِ وَ حُبُّنَا رِضَى الرَّبِّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى)[2].

2- الارتباط مع الله: بشکل طبیعي فان العقل لوحده لا یستطیع السیطرة علی الشهوة في فترة البلوغ و ضغط الغریزة الجنسیة، من هنا تمس الحاجة في هذه الظروف الی سلاح أمضی، و هو التقوی و حب الله و الارتباط به، فانه بمراعاة التقوی لا یبتعد الانسان عن محیط المعاصي و الشهوات فحسب، بل انه تحصل له بذلک حالة یمکنه بها ان یحفظ نفسه حتی مع الدخول في ورطة المعصیة و هذا ما اشار الیه القران الکریم في الآية المباركة: (إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُون‏)[3]. فان التفت الانسان الی ان الله یری عمله و یسمع کلامه فان نفس هذا الالتفات الی حضور الله یصیرسبباً لترک الذنب، کما یقول الامام الصادق (ع) في بیانه لهذه الآیة: " هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك، فذلك قوله: «تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ»"[4]. فعلی سبیل المثال نجد النبي یوسف (ع) استطاع ان یحفظ نفسه من التلوث بالذنب باستخدام القدرة المعنویة و التقوی. ان الله تعالی قد حدد الشباب و الشابات في دائرة الشرع عن طریق المقررات الدینیة، و منعهم من طغیان الغریزة، و من أهم العوامل المساعدة في ذلک هو ارتباط الخلق مع الخالق أي الصلاة والصوم، فالقران یعتبر الصلاة من العوامل المانعة من الذنوب حیث یقول: (وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَر)[5]. ان طبیعة الصلاة من حیث انها تذکر الانسان باقوی العوامل المانعة، اي الاعتقاد بالمبدأ و المعاد، فان لها اثراً مهماً في المنع عن الفحشاء و المنکر؛ فان جمیع اجزاء الصلاة تخلق في الانسان تیاراً من المعنویة یکون سداً محکماً أمام الذنوب. غاية ما في الأمر أنّ كل صلاة- بحسب شروط الكمال و روح العبادة- لها أثر رادع صاد عن الفحشاء و المنكر، فتارة تنهى نهيا كليّا و أخرى جزئياً و محدوداً.

و لا يمكن لأحد أن يصلي و لا تدع الصلاة فيه أثراً حتى لو كانت الصلاة صورية، و حتى لو كان ملوّثا بالذنب! نعم، قد تکون مثل هذه الصلاة قليلة الفائدة و لکن مثل هؤلاء الأفراد لو لم يصلّوا هذا المقدار من الصلاة لكانوا أسوأ ممّا هم عليه قطعاً.

و لنوضّح أكثر فنقول: النهي عن الفحشاء و المنكر له سلسلة درجات و مراتب كثيرة، و كل صلاة مع رعاية الشروط لها نسبة من هذه الدرجات)[6] .

3- للقیام او ترک اي عمل، یجب توفر الارادة و العزم الجدي، فللتخلص من الافکار السیئة یجب تحقق الارادة.

4- یجب الامتناع التام عن مشاهدة کافة انواع الصور والافلام و المناظر المثیرة للشهوة.[7]

5- الابتعاد عن التخیل و التفکیر بالقضایا الشهویة: من أجل تجنب الانحراف الجنسي یجب ابعاد التفکیر عن النفوذ الشیطاني، و ذلک لان الخطوة الاولی في الانحراف هي التفکیر فیه. یقول أمیر المؤمنین (ع): "من كثر فكره في المعاصي دعته إليها"[8]. و بالرغم من ان طرد الافکار الشیطانیة یکون في البدایة شاقاً جداً علی الشاب الاعزب، و لکنه یستطیع السیطرة علی قوة تخیله بالاستقامة و التمرین و الممارسة المستمرة، فان کل شيء یحصل بواسطة تکرار التمرین علیه.

6- ملء اوقات الفراغ: ان من عوامل الابتلاء بالافکار الشهویة و ارتکاب الذنوب هو الفراغ و البطالة. فعلیک السعي دائماً للانشغال بالاعمال المفیدة (مطالعة الکتب غیر الشهویة و الریاضة القویة و..) و ان تتذکر بانک اذا لم تتجنب البطالة فانها من الممکن ان تقودک الی کل شيء. [9] یقول النبي الاکرم (ص): "خلتان كثير من الناس فيهما مفتون الصحة و الفراغ".[10]

و النتیجة هي انه بالتوکل علی الله و التوسل بالائمة الاطهار(ع) یمکن التغلب علی کل المشاکل الروحیة و الجسمیة، و السیطرة علی الافکار الشیطانیة في ارتکاب الذنوب، و محوها من الذهن بمرور الزمان، و یتطلب ذلک الصبر و الاستقامة، و لکن هذا التوکل و التوسل یجب ان یقترن بمجموعة من الاعمال قد تقدم ذکرها.

وللاطلاع اکثر راجع السؤال1618(الموقع1627) موضوع: الاستمناء و التوبة.

 


[1] غرر الحکم، ج2، ص500، منشورات جامعة طهران، الطبعة الاولی، 1366ش.

[2] المجلسي، محمد باقر، بحار الانوار، ج2، ص145، ح10، مؤسسة الوفاء، بیروت، لبنان.

[3] الاعراف: 201.

[4] العروسي الحویزي، عبد علي بن جمعة، تفسیر  نور الثقلین، ج2، ص112، حدیث رقم: 414، منشورات اسماعیلیان، قم، الطبعة الرابعة، 1415ق.

[5] العنکبوت: 45.

[6] مکارم الشیرازي، ناصر، تفسیر الامثل، ج16، ص284و285، دار الکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الاولی، 1374ش.

[7] اقتباس من السؤال: 1618) الموقع: 1627)

[8] الخونساري، آقا جمال الدین، شرح غرر الحکم، ج5، ص321، ح8561.

[9] اقتباس من السؤال: 1618( الموقع: 1627).

[10] تحف العقول، مؤسسة أمیر کبیر، طهران، الطبعة الاولی، 1382ش.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...