Please Wait
5939
ان الدفاع أمام العدو أمر فطری و ذاتی للانسان و لکل الموجودات الحیة. و قد اعتبرته المدرسة الاسلامیة أمراً نبیلاً و مقدساً، و دعت أتباعها الىه حتى انها أوجبت الدفاع و مقدماته على المسلمین، و لا یختص ذلک بفریق خاص بل یشمل جمیع المسلمین –رجالاً و نساءً -.فاذا اعتبرنا الدفاع مقتصراً على الدفاع العسکری، فان دور النساء فی تحقق أهداف هذا الدفاع کبیر جداً، و من ذلک:
الدور القتالى و مواجهة العدو وجهاً لوجه، و الدعم العاطفی و الروحی للمقاتلین و إدارة لجان الاسناد، و التضمید و الاعانة، و الجهاد المالى و الایثار و التضحیة فی إرسال الابناء الى الجبهة، و التعاون المعلوماتی و التفتیش و... کل ذلک فیما لو قصرنا الدفاع على الدفاع العسکری.
و لکن تحرکات العدو فی عصرنا الحاضر –إضافة الى بعدها العسکری – یمکن ان تکون فی أبعاد عقائدیة و اقتصادیة و ثقافیة و سیاسیة و اخلاقیة و... و لهذا السبب فانه یجب ان یکون الدفاع فی جمیع هذه الابعاد. و على هذا الاساس فان دائرة الدفاع الیوم أکبر بکثیر و أشمل من الدفاع العسکری. و لهذا السبب فان للنساء و الفتیات مجالا واسعا فی تحقق الاهداف الدفاعیة. ان دور النساء و الفتیات باعتبارهن امهات و زوجات و معلمات و اساتذة جامعیة و... فی تقویة الاسس الفکریة و الثقافیة والعقائدیة و العلمیة و... أوضح من ان یحتاج الى الذکر و البیان.
ان الدفاع فی قبال العدو و تهدیداته أمر راجح و هو من الامور الفطریة و الذاتیة لکل انسان، بل لکل الموجودات الحیة، و هو من الحقوق الطبیعیة لهم. و دفاع الانسان أمام الهجمات و الاخطار و الاضرار التی تأتیه من قبل العدو و تهدد عرضه و وطنه و ماله و مقدساته و مصالحه، هو أمر راجح فی جمیع الادیان و المذاهب. و قد اعتبرته المدرسة الاسلامیة أمراً نبیلاً و مقدساً و دعت أتباعها الیه، حتى انها اوجبت الدفاع و مقدماته على المسلمین، یقول القرآن الکریم: "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخیل ترهبون به عدو الله وعدوکم"[1]، و لا یختص هذا الواجب الاسلامی بفربق خاص بل یشمل جمیع المسلمین –رجالاً ونساءً – و حینما یذکر الدفاع تنصرف الاذهان الى الدفاع العسکری. و نحن حتى لو حصرنا الدفاع بالفاع العسکری، فان دور النساء فی تحقق أهداف مثل هذا الدفاع کبیر جداً، و فیما یلی نشیر الى بعض أبعاد ذلک:
1. الدور القتالی و مواجهة العدو وجهاً لوجه: ان المسؤولیة الاولى التی تقع على عهدة النساء فی الدفاع المقدس هو الدور القتالی و المواجهة وجهاً لوجه مع العدو الذی ینوی التعرض لبلدهم و لم یکن دفاع الرجال لوحدهم کافیاً فی دفع الخطر – لای سبب من الاسباب – ففی الحرب التی فرضها صدام على الجمهوریة الاسلامیة قامت النساء الایرانیات الغیورات بمواجهة البعث الصدامی فی الجنوب، و المرتزقة فی کردستان، فقد قاومن الدبابات العراقیة التی عبرت من حدود الشلامجة، بأبسط الاسلحة، کالمولوتوف، و بالطبع فانه بعد ذلک تم تدریبهن وتجهیزهن بالاسلحة المتداولة لکی یواجهن العدو ببسالة.
2. الدعم العاطفی: ان الاسناد النفسی و العاطفی، و تقویة معنویات المقاتلین، یؤثر کثیراً فی نجاحهم. و للنساء القدرة على القیام بهذه المهمة بشکل جید. و قد قامت النساء فی المجتمع الاسلامی بهذه الوظیفة أیضاً فی سنوات الدفاع المقدس. یقول الامام الخمینی (ره) فی الثناء علیهن: "ان العواطف التی ابرزت من قبل السیدات قد أدت دوراً فعالا و مفیداً جداً فی الجبهات"[2].
3. إدارة لجان الاسناد: و المظهر الآخر لدور النساء فی الدفاع هو تهیئة و توفیر المواد و المستلزمات التی یحتاجها المقاتلون و الجنود المتواجدون فی الجبهات. ان الاخوات و الامهات و الزوجات المسلمات الایرانیات، قد رسمن صوراً رائعة فی دعمهن المادی و اللوجستی لجبهات الحرب فی الجنوب و الغرب. فقد کن یهیئن ما یحتاجه المقاتلون من أطعمة و ألبسة و حتى الاسلحة أحیاناً، ثم یقمن بإرساله الى الجبهة.
4. التضمید و الاعانة: للنساء دور مؤثر فی تمریض و معالجة المرضى و الجرحی –بسبب العاطفة و الرقة – و لهذا السبب نرى ان الجزء الاساسی من هذا العمل تقوم به النساء فی مختلف بقاع العالم. ففی ساحات الحرب الدامیة یکون جمیع المقاتلین فی معرض الخطر، و یتزاید عدد الجرحى و المصابین باستمرار، فاذا ترکت مهمة معالجة هؤلاء على الرجال، لانشغل الکثیر ممن یمکنهم ان یقفوا بوجه العدو و یصدوا هجومه بمعالجة المصابین، إضافة الى ان الرجال لا یقومون بهذا الدور بالنحو الذی تقوم به النساء، و لهذا السبب فان دور النساء فی هذا المجال حساس و خطیر.
5. الجهاد المالی: ان کل جندی یقف فی جبهة القتال مع العدو بحاجة الى دعم مالی و اسناد بالطعام و الدواء و الالبسة و المعدات و وسائل النقل و..، و کل أفراد المجتمع –ومنهم النساء – مکلفون بتوفیر المستلزمات المادیة للمقاتل. و قد کان للنساء المسلمات فی الدفاع المقدس مشارکة فعالة فی الدعم المالی لجبهات الحرب، و قد تبرع بعضهن بکل ما یملکن من حلی و مجوهرات کن قد حصلن علیه بعد جهد کبیر، فقدمنه بسخاء فی هذا الطریق. و فی الحقیقة فانا شهدنا فی أیام الدفاع المقدس قمة الایثار المالی للنساء، و قد أشار الامام الخمینی (ره) مرات عدیدة الى ذلک قائلا: "اننا نشهد یومیاً نساءً یأتین بما استطعن توفیره فی طیلة عمرهن، و هو عبارة عن سکة ذهبیة، فیتبرعن به للحرب فی سبیل الله"[3].
6. الایثار و التضحیة: ان النساء بتضحیتهن بأعز ما یملکن، أی الابناء و الاخوة و الازواج و الآباء، و تشجیع هؤلاء على المشارکة فی الدفاع، و الصبر على مصائب فقد هؤلاء، یقمن بدور مهم آخر فی الاهداف الدفاعیة فی قبال العدو. و ان النساء الایرانیات –إضافة الى قیامهن بتشجیع أولادهن و أزواجهن و اخوانهن و آبائهن على المشارکة فی الدفاع فی سنوات الدفاع المقدس (و کان لهذا التشجیع أثره الکبیر فی اسناد الجبهات) - کن حین یسمعن بخبر إصابة أو استشهاد بعض أقاربهن، یواجهن ذلک بصبر و تحمل نادر، و کان ذلک یساهم الى حد کبیر فی تقویة معنویات المقاتلین و مواصلتهم للحرب. و یمکننا ان نرى بوضوح بعض الموارد من المعنویات العالیة للنساء فی کلام الامام الخمینی (ره) حیث یقول: "حینما یستشهد الشباب فی الجبهة، فان امهاتهم یقابلن ذلک بکل فخر و انشراح، و تعتز المرأة بان ولدها قد استشهد فی طریق الاسلام، ثم تصر على تقدیم أبنائها الاخرین فداءً للاسلام"[4].
7. التعاون المعلوماتی و التفتیش: بما ان الاسلام وضع حدوداً للتماس و الاحتکاک البدنی مع النساء غیر المحارم، فهذه الحدود یمکن ان یستغلها العدو فی تبادل الاخبار و المعلومات و الاسلحة و المعدات من قبل النساء، من هنا کانت الحاجة الى النساء فی افشال ذلک کبیرة جدا، أی انه لو لم تتواجد المرأة فی ساحة الدفاع فی هذا المجال فانه لا یمکن لای رجل القیام بهذا الدور. و من هنا فانه فی سنوات الدفاع المقدس فی جبهة الغرب التی کان لها خصوصیتها و کان أعداء الثورة یتعاونون مع العدو، کان الحذر و المراقبة ضروریین فی تلک المرحلة. و هناک نماذج کثیرة من النشاطات الاعلامیة و المعلوماتیة للاخوات و النساء فی کردستان.
و اما الیوم فان تحرکات العدو –إضافة الى البعد العسکری –یمکن ان تکون بابعاد اخرى عقائدیة و اقتصادیة و ثقافیة و سیاسیة و أخلاقیة و... و لهذا السبب فان الدفاع یجب ان یکون على جمیع هذه الاصعدة. و على هذا الاساس فان دائرة الدفاع الیوم أکبر بکثیر و أوسع من دائرة الدفاع العسکری. و لهذا السبب یکون للنساء و الفتیات المجال الواسع و القدرة الکبیرة فی تحقق الاهداف الدفاعیة. ان دور النساء و الفتیات باعتبارهن امهات و زوجات و معلمات و اساتذة جامعیة و... فی تقویة الاسس الفکریة و الثقافیة و العقائدیة و العلمیة و... أوضح من ان یحتاج الى الذکر و التوضیح. و کذلک فان التطور العلمی و التکنولوجی جعل دور المرأة یتمیز بأهمیة کبیرة فی دفع عجلة الدفاع الاقتصادی انطلاقا من کونها مدبرة و مختصة و خبیرة فی مختلف المجالات الاقتصادیة، و حتى فی المجال العسکری فان للنساء الیوم دوراً کبیراً جداً، فان التحرک العسکری أیضاً قد خرج من شکله الکلاسیکی و المواجهة وجهاً لوجه فی ساحة الحرب، و دخل فی مجال الحروب الالکترونیة (توجیه الآلات الحربیة عن بعد و..) فانه یمکن للنساء فیها صد هجمات العدو من دون مواجهة مباشرة معه.
و بملاحظة هذه الامور فانه لا یبقی أی مجال للشک فی ان دور النساء فی تحقق الاهداف الدفاعیة لا یقل عن دور الرجال.