بحث متقدم
الزيارة
5128
محدثة عن: 2011/05/21
خلاصة السؤال
احتاج الی استاذٍ للإستفادة أکثر من حالات المکاشفة.
السؤال
منذ مدة أجد نفسی تحصل لدیّها حالات مکاشفة، فاحتاج الی استاذ لأجل الاستفادة أکثر فی هذا المجال، فأرجوا أن ترشدونی الی استاذ کبیر.
الجواب الإجمالي

السالک الحقیقی یجب أن لا یجعل هدف سلوکه منصب فی نیل المکاشفات الکثیرة، کما ان العارف الکامل أیضاً لا یهتم بهذه الأمور بل یصب کافة جهوده الأصلیة فی قطع علائقه مع الوجود و التعلقات المادّیة.

ثم ان العرفاء الکاملین الذین وفّقوا للحصول علی تجلّیات الإمام المعصوم (ع) ساروا فی مسیر حیاة الکثیر من السالکین و الطالبین و طلبوا منهم العون و التأیید، مع ذلک فعلی أساس الحکمة الإلهیة یکون میزان الطلب الحقیقی ذات السالک نفسه و اخلاصه فی هذا المسیر هو المعین لدرجة و مقدار الحجة المنکشفة له.

الجواب التفصيلي

الحاجة الی المرشد و الاستاذ یعتبر من الناحیة الدینیة مسألة لها جذور أساسیة فی المذهب الشیعی و فی استمرار العقائد الشیعیة المبتنیة علی اتّباع الإمام المعصوم (ع).

الارتباط بین الإمام و المأموم أو بین المرید و المراد أو الاستاذ و الطالب له مراحل مختلفة، و له فی کل مرحلة شروط معینة، و فی کل مرحلة من تلک المراحل لها طریقها الخاص للهدایة. و أعلی درجة لهذا الارتباط هو الارتباط الباطنی و التکوینی بالإمام المعصوم (ع) فی کل زمان، و هذا الارتباط سواءٌ أکان بطریق مقصود أو غیر مقصود فإنه یشمل کل المخلوقات، فبدون الإمام لا یبقی للوجود أی أثر. [1]

هذه المسألة قد طرحت فی کل المذاهب العرفانیة منذ القدم، فقد ادّعت کل الطرق العرفانیة وجود الاستاذ الکامل الذی یعتبر مظهر لکل الصفات الإلهیة. طبعاً یوجد فی هذا الطریق کثیر من المدّعین لهذه الحقیقة کذباً حیث استغلوا الحاجة الفطریة لطلاب هذا الطریق و استفادوا منهم و جمعوهم حول أنفسهم آخذین بهم الی الضلال.

ثم ان الحصول علی الارتباط المباشر بالإمام المعصوم (ع) بعنوانه استاذ و إمام حیّ سعادةٌ لا تحصل لکل أحد، و حتی لو وجد مثل هذا الارتباط فلا یمکن لأیّ أحد ان یستفید منه بالنحو الکامل و المطلوب و بالشکل الامثل، اذ ان أحد أسباب غیبة الإمام (ع) هو عدم فهم الناس و إدراکهم لقیمة و أهمیة وجوده (ع) بل العداء لنور حقیقته، و لکن مع ذلک یوجد فی کل عصر عرفاء کاملون قد وفقوا للحصول علی تجلیات الإمام المعصوم (ع) قد ساروا فی مسیر حیاة کثیر من السالکین طالبی الحقیقة و طلبوا منهم العون و التأیید.

و علی أساس الحکمة الإلهیة یکون میزان الطلب الحقیقی لنفس السالک و اخلاصه فی هذا المسیر هو المعین لدرجة و مقدار الحجة الواضحة علیه. و بعبارة أخری، کل فردٍ فی حیاته و بلحاظ احتیاجاته المعینة یواجه حججاً تکون الشاهد علیه، و فی حال تدرّجه فی مدارج الکمال یظهر احتیاجه الطبیعی لإرشاد الفرد الکامل، و علی غیر هذه الصورة یبقی مضطراً للسیر وفقا لتجارب الماضین.

من جهة أخری، ففی سلسلة مراتب الهدایة الإلهیة لا یمکن لشخص أن یحتاج الی مرتبة خاصة من الهدایة و یحرمه الله من هذا الفیض، و بعبارة أخری فرجال الله الذین اخذوا علی عاتقهم تأیید السالکین و توفیقهم مطّلعین علی بواطنهم، و عدم اطلاعهم علی أحد دلیل علی عدم وجود هذا الطلب فی وجوده، أو أن هذا دلیل علی أن الفرد لم یعتنِ بالحجج السابقة و کان لزاماً علیه أن یؤدی حقها منذ البدایة.

فإذا کان الفرد یطلب الله حقیقة و باخلاص تام، و قد قطع علائقه من الدنیا بصورة کاملة، ففی هذه الحالة لیس فقط العرفاء الکاملون بل و حتی الإمام الحجة-عج- یظهر له فی النهایة و یوصله الی کماله المنشود. و لکن هذه المسألة نادرة و قلیلة الحصول و ذلک لأن أکثر مدعی الطلب و الارادة و حتی فی حال تحرّرهم من العلائق الدنیویة الدنیئة نری أن لهم علائقهم الخاصة بهم و التی لایوجد بینها و بین طریق العرفان الحقیقی أی سنخیة و ارتباط.

من هنا، کل فرد فی مرتبته یجب علیه أن یقدّر هذه المرتبة من الهدایة التی هو علیها و التی اختارها بنفسه، فبعض هذه الهدایات، هدایات عامة و التمسّک بها یکفی للتحرّر من کثیر من العلائق الدنیویة الدنیئة، و تشمل حتی الارتباط بالاستاذ العارف الکامل فإذا لم تقترن بتحصیل التزکیة و مجاهدة النفس فلا فائدة منه، فکم من فرد بقی عطشاناً و الی جنبه منبع الماء الصافی لعدم معرفته بطریقة الاستفادة منه.

فالأفراد الذین جاهدوا أنفسهم الجهاد اللازم قبل التعرّف علی الاستاذ الکامل، بعد ارتباطهم به سیصلون الی کمالهم الواقعی، فی الوقت الذی نجد کثیراً من المریدین و بسبب عدم مجاهدة النفس یحرمون من هذا الفیض بسهولة هذا من جهة. ومن جهة أخری نجد فی کثیر من المتون العرفانیة علاوةً علی التأکید الشدید علی رعایة التقوی فی النفس و الدین، نجدها تؤکد علی مراعاة البرامج العملیة العامة التی توصی بها سالکی الطرق العرفانیة [2] ، حیث تمهّد الطریق للدخول فی الطریقة الحقیقیة و تکون مقدمة للحصول علی الاستاذ الکامل حتی یحصل بعد هذا الارتباط علی الهدایة الکاملة من هذا الاستاذ.

ففی کثیر من المواقع یتصوّر المرید أنه حصل علی الاستاذ الکامل، و لکن فی الواقع أن هذا الاستاذ کان متلطّفاً علیه برعایته منذ البدایة، بناءً علی ذلک یجب أن یصرف جهد السالک و طالب الطریق الأصلی فی إخلاص نیته الباطنیة فی طلب الحقیقة و رفع الموانع الموجودة فیه حتی یستطیع أن ینال هذا الفیض الإلهی.

و فی مجال ظهور بعض المکاشفات فی بعض الموارد التی یجب علی الفرد أن یخبر بها حکیماً و عارفاً، فالنکتة الأساسیة المکنونة هنا هی أن الفرد السالک من غیر استاذ مرشد یدفع الثمن للحصول علی هذه المکاشفات و من الطبیعی أن الشیطان یستفید من تعلقه الشدید بها و بالتدریج یتخذ نفس هذا الطریق لحرفه و إضلاله. لذا کان علی السالک الحقیقی أن لا یجعل هدفه هو نیل المکاشفات الکثیرة، کما أن العارف الکامل أیضاً لم یعر أیّ أهمیة لهذه المسائل بل تراه یصرف کل جهده فی قطع علائقه المادیة حتی یکون مستعداً لتلقی التجلیات الإلهیة، و بعبارة اخری، أن استاذ العرفان لم یکن فی یوم من الأیام آلة لترویج الکرامات و المعجزات و المکاشفات و... حتی و إن حصل له الکثیر منها تلقائیا و بدون قصد.

هذا التصور یؤدی الی أن یستفید الدجّالون الذین لم یکن هدفهم الّا الترویج للإمکانات الخارقة لکثیر من الأفراد المستعدین فی المسائل الروحیة و التجارب العرفانیة لکونهم أقرب طبعاً لهم و أکثر شَبهاً بهم من العرفاء الحقیقیین الذین لا یصرون علی أیّ کرامة الا العشق الإلهی.

فطلب المعجزة من الکمائن الخطیرة التی تقع فی طریق العرفان و التی تجعل السامری یتصدّر منبر الارشاد بدل موسی الکلیم، لذا یجب علی السالک أن ینمی حرقة العشق و الطلب فی نفسه من دون أن یعیر أیّة أهمیة لهذه المسائل، حتی یوفق عبر الطریق الصحیح لتلقی الهدایة الإلهیة التی تأتیه عبر آلاف الطرق الطبیعیة و غیر الطبیعیة لنصرته و تأییده.

و للإستفادة أکثر فی هذا المجال یمکنکم مراجعة الاجوبة التالیة:

12697 (الموقع: 12444)

1983 (الموقع: 2062)



[1]    علی بن أبراهیم عن محمد بن عیسی عن محمد بن الفضیل عن أبی حمزة قال: قلت لأبی عبد الله (ع): «أتبقی الأرض بغیر إمامٍ؟ قال: لو بقیت الأرض بغیر إمامٍ لساخت» الکافی ج1، ص179، دار الکتب الإسلامیة.

[2]   یمکن مراجعة رسالة «آداب مرید پیش از یافتن شیخ (ریاضة السالکین) لأبن عربی.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...