Please Wait
8214
حریة الرأی و البیان من العناصر و العوامل الهامة لبناء البعد الثقافی فی المجتمع الإسلامی، کما أن هذه المسألة تحضى بحساسیة خاصة و أهمیة إستراتیجیة. و حیث أن ظروف المجتمع و أسس بنائه متغیرة و متحولة، فلیس من الممکن تحدید ضابطة و تعیین حدود ثابتة و غیر قابلة للتغییر بشأن هذه المسألة، و على الحکومة الإسلامیة أن تضع حدوداً و ضوابط لهذه القضیة تبعاً للظروف و التغییرات السائدة فی کل زمان. فحریة الرأی و البیان و سعة دائرتها تختلف من وقت لآخر و هذه الدائرة تضیق و تتسع مثلاً، بحسب ظروف البلد الأمنیة الداخلیة و الخارجیة، فلا یمکن أن تکون حریة الرأی فی ظروف الأمن و الاستقرار الداخلی و السلام على المستوى الخارجی کما هی فی ظروف انعدام الأمن فی الداخل أو قیام الحرب على حدود الخارج.
و لذلک فمن الممکن القول إن حدود المسألة مطاطیة و متغیرة (سیالة) و على الرغم من - مطاطیة هذه الحدود و تغیرها - من الممکن رسمها على الشکل التالی: إن حریة الرأی و البیان من القیم الثابتة فی النظام الاجتماعی الإسلامی، إلى جانب القیم الثابتة الأخرى مثل الاستقلال، و الأمن، و العدالة، و العفة العامة، و ... و حیث أن جمیع هذه القیم ثابتة فی نظام واحد، فإن حدود دائرة حریة البیان تعین سائر القیم. أی أن حریة البیان أمر مشروع و محترم و لا یتعارض مع القیم الإسلامیة الأخرى.
و هناک معاییر ثابتة أیضاً توجه الحکومة لوضع حدود و ضوابط لمسألة حریة الرأی و البیان، منها:
1- إن الغیبة و التهمة و الکلام المغرض الحاقد، و إفشاء الأسرار، و بث الشائعات، و... هی ألوان من الکلام المحرم الخارج عن دائرة حریة الرأی و البیان.
2- کتب الضلال. و بعبارة أوسع، کل أثر أو نتاج مکتوب أو غیر مکتوب یروج للعقائد الباطلة، أو یضعف العقائد الحقة، لا یمنع من حق الانتشار و التوزیع فقط، و إنما یجب إتلافه و إبعاده عن الساحة الاجتماعیة العامة، و یبقى الحق للخبراء و العلماء فقط فی الإطلاع على مثل هذه الآثار و معالجتها و الرد علیها.
3- لا یسمح ببیان و شرح العقائد الحقة للأفراد غیر المؤهلین لإدراکها و فهمهما، على نحو یودی بهم إلى الضلال و الضیاع و الخروج من الدین.