بحث متقدم
الزيارة
8766
محدثة عن: 2012/08/21
خلاصة السؤال
ما حکم حفّ الحاجب بالنسبة للنساء؟ و ماذا لو کان للزوج؟
السؤال
بعد السلام و التحیة، لماذا یحرم أهل السنة حفّ الحاجب بالنسبة للنساء حتی لو کان لزوجها و یجب علیها عندئذٍ التوبة؟ هل هذه الفتوی صحیحة؟ أرید أن أصل إلی جواب صحیح و مقنع طبقاً للمذهب الشیعی.
الجواب الإجمالي

لا إشکال فی حفّ الحاجب بالنسبة للنساء بحد ذاته. لقد أکّد الإسلام علی زینة المرأة لزوجها و جعلها من المستحبات و قد ذمّ المرأة التی تقصر فی تزیین نفسها لزوجها. لذلک نجد فقهاء الشیعة فی الوقت الذی لا یجیزون فیه إظهار المرأة لزینتها أمام غیر المحارم لکنهم فی الوقت نفسه یحثون النساء على الإهتمام بهذه المسألة و التزین لزوجها و مراعاة حقوق الزوجیة انطلاقا من الروایات التی صدرت عن المعصومین علیهم السلام.

الجواب التفصيلي

زینة المرأة لزوجها لا انها لا إشکال فیها فحسب، بل اعتبرها الإسلام من المستحبات و قد ذمّ المرأة التی تقصر فی تزیین نفسها لزوجها.[1] و هذا الأمر مما یؤدی إلی استحکام العلاقات العائلیة و الزوجیة. و بالطبع هؤلاء العلماء الذین یحرمون زینة المرأة (بما فیها حفّ الحاجب) بشکل مطلق (حتی لو کان للزوج)، ینطلقون من بعض الأحادیث، مثل الروایة التی تنقل عن الرسول الأکرم (ص) حیث تنص علی انه (ص) لعن ثمانیة طوائف من النساء و هم:

"النامصة و المنتمصة و الواشرة و المستوشرة و الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة".

یقول الراوی: «النامصة» التی تنتف الشعر من الوجه و «المنتمصة» التی یُفعل ذلک بها و «الواشرة» التی تَشُرّ أسنان المرأة و تفلجها و تحدّدها و «المستوشرة» التی یُفعل ذلک بها و «الواصلة» التی تصل شعر المرأة بشعر إمرأة غیرها و «المستوصلة» التی یفعل ذلک بها و «الواشمة» التی تُشُم وشماً فی ید المرأة أو فی شیء من بدنها و هو أن تغرز یدها أو ظهر کفها أو شیئاً من بدنها بإبرة حتی تؤثر فیه ثم تحشوه بالکحل أو بالنورة فیخضر و «المستوشمة» التی یفعل ذلک بها.[2]

بشکل عام إن هذه الروایة لوحدها ناطقة بهذا الأمر و هو ان النساء لا یمکنهن التزیّن علی الإطلاق –لکن عند الرجوع لکلام أهل بیت رسول الله (ص) النورانی، یتضح المراد من هذه الأحادیث- فمثلاً سُئل أبو جعفر "الإمام الباقر" عن القرامل التی تضعها النساء علی رؤوسهن یصلنه بشعورهن [3] فقال: "لا بأس علی المرأة بما تزینت به لزوجها قال الروای: فقلت له بلغنا أن رسول الله (ص) لعن الواصلة و الموصولة فقال: لیس هناک – أی لیس الامر کما تتصورون- إنما لعن رسول الله (ص) الواصلة التی تزنی فی شبابها فلمّا کبرت قادت النساء إلی الرجال فتلک الواصلة و الموصولة.[4]

و فی روایة أخری عن أبی بصیر عن الإمام الباقر (ع) قال: سألته عن قصة النواصی ترید المرأة الزینة لزوجها و عن الحفّ و القرامل و الصوف و ما أشبه ذلک؟ قال: لا بأس بذلک کلّه.[5] إذن لا یمکن تحریم کل زینة للمرأة، بل الزینة المحرمة و التی تعتبر معصیة هی التی لا تکون للزوج و التی تجرّ للفساد و تفسّخ المجتمع. لذلک نجد فقهاء الشیعة فی الوقت الذی لا یجیزون فیه إظهار المرأة لزینتها أمام غیر المحارم لکنهم فی الوقت نفسه یحثون النساء على الإهتمام بهذه المسألة و التزین لزوجها و مراعاة حقوق الزوجیة انطلاقا من الروایات التی صدرت عن المعصومین علیهم السلام.[6]

کما تجدر الإشارة إلی إن حفّ الحواجب بالنسبة للنساء فی حدّ ذاته لا إشکال فیه.[7] أما هل یعتبر هذا العمل زینة (حتی یجب ستره عن غیر المحارم) أم لا؟ فآراء الفقهاء فی هذا الأمر مختلفة:

1- فبعض الفقهاء [8] یجیز إظهار هذا المقدار المتعارف من الزینة حیث یقول: لا یجب ستر الحاجب عن غیر المحارم.[9]

2- البعض الآخر [10] یعتبر حفّ الحاجب من الزینة و یوجب سترها عن غیر المحارم.[11]

3- و هنا عدة من المراجع [12] أرجعوا هذه المسألة الى العرف حیث قالوا: إذا کان حف الحاجب یعتبر زینة فیجب ستره عن غیر المحارم، و الا فلا.[13]

ملاحظة: إذا کان حف الحاجب و الوجه ملفت للنظر بحیث یؤدی إلی مفسدة، فیجب عندئذٍ ستره.[14]

 


[1] الجعفریان، رسول، الرسائل الحجابیة، ج 2، ص 1128، دلیلنا، قم، الطبعة الثانیة، 1428 ق؛ لمزید من الاطلاع فی هذا المجال یمکنکم مراجعة الموضوع: 2918 (وظائف النساء فی قبال الرجال) الموجود فی نفس هذا الموقع.

[2] إبن بابویه، محمد بن علی، معانی الأخبار، ص 249، المصحّح: الغفاری، علی أکبر، نشر: مکتب الإنتشارات الإسلامی، قم، الطبعة الأولی، 1403 ق.

[3] الجزری إبن اثیر، مبارک بن محمد، النهایة فی غریب الحدیث و الأثر، ج 4، ص 51، مؤسسة مطبوعاتی اسماعیلیان، قم، الطبعة الأولی، بی تا.

[4] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، المصحّح، الغفاری، علی أکبر و الآخوندی، محمد، ج 5، ص 118، باب 119، ح 3، نشر دار الکتب الإسلامیة، الطبعة الرابعة، طهران، 1407 ق.

[5] الشیخ الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 20، ص 189، ح 25390، نشر مؤسسة آل البیت، قم، 1409 ق.

[6] انظر: البهجت، محمد تقی، استفتاءات (البهجت)، ج 4، ص 175، س 5201، مکتب آیة الله البهجت، قم، الطبعة الأولی، 1428 ق.

[7] راجعوا: الموضوع 18717

[8] العلماء الأعلام: الخمینی، السیستانی، المکارم الشیرازی، النوری الهمدانی و التبریزی.

[9] بالرجوع إلی موقع آیة الله السید السیستانی، قسم الاستفتاءات، کلمة الزینة، س 17؛ المکارم الشیرازی، ناصر، الاستفتاءات الجدیدة، ج 2، ص 351، س 151 و 1034، نشر مدرسة الإمام علی بن أبی طالب (ع)، قم، الطبعة الثانیة، 1427 ق؛ آیة الله النوری الهمدانی، الاستفتاءات، ج 1، س 491 و 542؛ الخمینی، سید روح الله، الاستفتاءات، ج 3، ص 257، س 33 و 34، مکتب النشر الإسلامی التابع لجامعة المدرسین، قم، الطبعة الخامسة، 1422 ق؛ التبریزی، جواد، الاستفتاءات الجدیدة، ج 2، ص 360، س 1490، قم، الطبعة الأولی، بی تا.

[10] آیة الله الصافی الگلپایگانی.

[11] الصافی الگلپایگانی، لطف الله، جامع الأحکام، ج 2، ص 163، ص 1683، انتشارات السیدة المعصومة (س)، قم، الطبعة الرابعة، 1417 ق؛ و مکتب آیة الله البهجت.

[12] آیات العظام: الخامنئی، الفاضل، البهجت، و الوحید الخراسانی.

[13] فتوی آیة الله الخامنئی المقتبسة من الموضوع رقم 598؛ الفاضل اللکنرانی، محمد، جامع المسائل، ج 1، ص 451، س 1708، نشر أمیر القلم، قم، الطبعة الحادی عشر، تا؛ البهجت، محمد تقی، الاستفتاءات، ج 4، ص 208، س 534، مکتب سماحة آیة الله البهجت، قم، الطبعة الأولی، 1428 ق؛ استفتاء من مکتب آیة الله الوحید الخراسانی.

[14] الخمینی، سید روح الله الموسوی، الاستفتاءات، ج 3، ص 256، مکتب النشر الإسلامی، قم، الطبعة الخامسة، 1422 ق.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...