بحث متقدم
الزيارة
6842
محدثة عن: 2008/06/30
خلاصة السؤال
ما حکم بول الولد الرضیع؟
السؤال
کتبت مجلة الأسرة (السنة السادسة عشرة ـ بتأریخ 15/11/85) فی صفحتها الدینیة حول النجاسة و التی جاء فیها: "نجاسة الولد الرضیع غیر نجسة". ما هو مستند هذا الحکم؟
الجواب الإجمالي

ذکرت المسألة المذکورة بهذه العبارة: "لو تنجس شیء بملاقاة بول الولد الرضیع و هو لا یأکل الطعام و لم یشرب حلیب الخنزیر، فیطهر بصب الماء علیه مرة واحدة بحیث یصل الماء إلى کل أطراف الشیء النجس بلا حاجة إلى عصر الثوب او الفراش و ...".

فإذن أولاً: غائط الولد الرضیع لم یشمله هذا الحکم، و ثانیاً: لم نجد فی عبارات الفقهاء أن بول الولد الرضیع غیر نجس.

و أجمع فقهاء المسلمین ـ شیعة و سنةـ على هذه المسألة فی الجملة، و مصدر هذه الفتوى، هی مجموعة من روایات ذُکرت فی الکتب الفقهیة و الروائیة.

لکن ما نقلتموه من المجلة السابقة، جاء فی تأریخ الفقه الإسلامی بهذه العبارات: "یقول البعض کالاسکافی و الصدوق: بول الولد الرضیع قبل أن یأکل الطعام غیر نجس." فإذن على هذا القول أیضا، غائط الولد الرضیع نجس و البول وحده غیر نجس.

و الحاصل أن: ما نقلتموه من المجلة السابقة، أولا: مخالف لفتوى جمیع الفقهاء فی الجملة، و ثانیاً: لا یتفق حتى مع فتاوى بعض الفقهاء کالصدوق.

الجواب التفصيلي

جاءت المسألة التی ذکرتموها فی الکتب الفقهیة بهذه العبارة: "لو تنجس شیء بملاقاة بول الولد الرضیع[1] و هو لم یأکل الطعام و لم یشرب حلیب الخنزیر، فیطهر بصب الماء علیه مرة واحدة بحیث یصل الماء إلى کل أطراف الشیء النجس و لا حاجة إلى عصر الثوب او الفراش و ...".[2]

فإذن أولاً: غائط الولد الرضیع لم یشمله هذا الحکم. و ثانیاً: لم نجد فی عبارات الفقهاء أن بول الولد الرضیع غیر نجس.

و أجمع فقهاء المسلمین ـ شیعة و سنةـ على هذه المسألة فی الجملة.[3] و مصدر هذه الفتوى، هی مجموعة من روایات ذُکرت فی الکتب الفقهیة و الروائیة نشیر إلى بعضها:

1. قال الصادق (ع) حول بول الصبی: "فی بول الصبی یصبّ علیه الماء حتى یخرج من الجانب الآخر".[4]

2. قال الحلبی سألت أبا عبد الله (ع) عن بول الصبیّ قال: "تصب علیه الماء فإن کان قد أکل فأغسِله غَسلا".[5]

و بما أن أسلوب الاستدلال بالروایات بحث فقهی بحت فنترکه إلى أهله.

لکن ما نقلتموه من المجلة السابقة، جاء فی تأریخ الفقه الإسلامی بهذه العبارات: "یقول البعض کالاسکافی و الصدوق: بول الولد الرضیع و هو لما یأکل الطعام غیر نجس." فإذن على هذا القول أیضا، غائط الولد الرضیع نجس و البول وحده غیر نجس.[6]

و مدرک أصحاب هذه الفتوى کالصدوق، هو روایة واحدة عن محمد بن أحمد بن یحیی عن إبراهیم بن هاشم عن النوفلی عن السکونی عن جعفر عن أبیه علیهما السلام أن علیاً قال: ... و لبن الغلام لا یغسل منه الثوب و لا من بوله قبل أن یطعم ...".[7]

و هذه الروایة التی استند إلیها بعض الفقهاء کالصدوق، تتعارض مع کثیر من الروایات المعتبرة و علیه فلم یفت أحد الفقهاء على أساسها غیر الصدوق و الاسکافی.

و قال الشیخ الطوسی فی تفسیر و تبیین هذه الروایة: هذه الروایة معناها أنه یکفی صب الماء علیه و إن لم یُعصر.[8] لأنه لا یکفی مجرد صب الماء فی غسل الثوب و إنما ینبغی عصره أیضا و إلا مجرّد صب الماء لا یطلق علیه غسل.

و یقول صاحب الجواهر حول عدم الاعتماد على هذه الروایة: لقصورها عن معارضة ما تقدم (من الروایات)، و عموم و إطلاق ما دل على نجاسته (ای نجاسة بول الطفل) من السنة أیضا و اشتمال الروایة على غیر المختار عندنا من نجاسة لبن الأنثى، کظهور سنده فی عامیته، و یؤیده نسبته فی فقه الرضا (ع) إلى الروایة عن علی (ع) بعد أن ذکر الحکم بخلافه کالفقیه مما عساه یظهر من عادته من أمثال ذلک فی هذا الکتاب إیهاما للقول بها للتقیة.[9]

و هذا الخبر إلى جانب ضعف سنده و دلالته کذلک یخالف الإجماع و الشهرة و لا یؤخذ بالخبر المخالف للشهرة.[10]

و الحاصل أنه: ما نقلتموه من المجلة السابقة، أولاً: مخالف لفتوى جمیع الفقهاء فی الجملة. و ثانیاً: لا یتفق حتى مع فتاوى بعض الفقهاء کالصدوق.

تکمیلاً للموضوع یمکنکم مراجعة مدرک القول المشهور فی المصادر التالیة :

1. الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج 2، ص 1003 و 1004.

2. نجفی، محمد حسن، جواهر الکلام، ج 5، ص 273ـ 275.



[1] الآیات العظام؛ مکارم، السیستانی و الزنجانی، یعممون هذا الحکم إلى البنت الصغیرة أیضاً. راجع: توضیح المسائل (المحشى للإمام الخمینی)، ص 106، المسألة 161.

[2] الإمام الخمینی، منتخب توضیح المسائل، قم، الشفق للنشر، الطبعة الثامنة، ص 28؛ آیة الله الاراکی ، توضیح المسائل، مکتب التبلیغ الإسلامی، تأریخ 1372،ص 31؛ آیة الله فاضل اللنکرانی، توضیح المسائل، ص 45.

[3] محمد حسن النجفی، جواهر الکلام، طهران، دار الکتب الإسلامیة، الطبعة الثالثة، ج 5، ص273.

[4] بحار، ج 77، ص 105.

[5] نفس المصدر السابق، ص 101.

[6] نفس المصدر السابق، ج 5، ص273؛ الصدوق، المقنع، ص 15.

[7] نفس المصدر السابق، ج 2، ص 1004، ح 4.

[8] الشیخ الطوسی، تهذیب، نقلاً عن وسائل الشیعة، ج 2، ص 1003.

[9] محمد حسن النجفی، جواهر الکلام، ج 5، ص 273 ـ 275.

[10] نفس المصدر السابق.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...